والله لقد اسلمت وانه لفي صلب رجل كافر ! يريد زيد بن ثابت ولذلك قال عبد الله ابن مسعود: يأهل العراق، اكتموا المصاحف التى عندكم وغلوها فإن الله عزوجل يقول: " ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " فالقوا الله بالمصاحف خرجه الترمذي.
وسيأتي الكلام في هذا في سورة " آل عمران " (١) ان شاء الله تعالى.
قال أبو بكر الانباري: ولم يكن الاختيار لزيد من جهة ابي بكر وعمر وعثمان على عبد الله ابن مسعود في جمع القران، وعبد الله افضل من زيد، واقدم في الاسلام، واكثر سوابق، واعظم فضائل، الا لأن زيدا كان احفظ للقران من عبد الله إذ وعاه كله ورسول الله ﷺ حي، والذي حفظ منه عبد الله في حياة رسول الله ﷺ نيف وسبعون سورة، ثم تعلم الباقي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالذي ختم القران وحفظه ورسول الله ﷺ حي اولى بجمع المصاحف واحق بالايثار ولاختيار.
ولا ينبغي ان يظن جاهل ان في هذا طعنا على عبد الله بن مسعود، لأن زيدا إذا كان احفظ للقران منه فليس ذلك موجبا لتقدمه عليه، لأن ابا بكر وعمر رضي الله عنهما كان زيد احفظ منهما للقران، وليس هو خيرا منهما ولا مساويا لهما في الفظائل والمناقب.
قال أبو بكر: وما بدا من عبد الله بن مسعود من نكير ذلك فشئ نتجه الغضب، ولا يعمل به ولا يؤخذ به، ولا يشك في ان رضي الله عنه قد عرف بعد زوال الغضب عنه حسن اختيار عثمان ومن معه من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقى على موافقتهم وترك الخلاف لهم.
فالشائع الذائع المتعالم عند اهل الرواية والنقل: ان عبد الله بن مسعود تعلم بقية القران بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال بعض الائمة: مات عبد الله بن مسعود قبل ان يختم
القران.
قال يزيد بن هارونه المعوذتان بمنزلة البقرة وآل عمران، من زعم انهما ليستا من القران فهو كافر بالله العظيم، فقيل له: فقول عبد الله بن مسعود فيهما ؟ فقال: لا خلاف بين المسلمين في ان عبد الله بن مسعود مات وهو لا يحفظ القران كله.
قلت: هذا فيه نظر، وسيأتي.
وروى اسماعيل بن اسحاق وغيره قال حماد - اظنه عن انس بن مالك، قال: كانوا يختلفون في الآية فيقولون اقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم

(١) في آية ١٦١ راجع ج ٤ ص ٢٥٦ (*)


الصفحة التالية
Icon