(فصل) - وأما شكل المصحف ونقطه فروى أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله، فتجرد لذلك الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزينه، وأمر وهو والى العراق الحسن ويحيى بن يعمر بذلك، وألف إثر ذلك بواسط كتابا في القراءات جمع فيه ماروى من اختلاف الناس فيما وافق الخط، ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا، إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات.
وأسند الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود
الدؤلي، وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر.
(فصل) - وأما وضع الأعشار فقال ابن عطية: مر بي في بعض التواريخ أن المأمون العباسي أمر بذلك، وقيل: إن الحجاج فعل ذلك.
وذكر أبو عمرو الداني في كتاب البيان له عن عبد الله بن مسعود أنه كره التعشير في المصحف، وأنه كان يحكه.
وعن مجاهد أنه كره التعشير والطيب في المصحف.
وقال أشهب: سمعت مالكا وسئل عن العشور التي تكون في المصحف بالحمرة وغيرها من الألوان، فكره ذلك وقال: تعشير المصحف بالحبر لا بأس به، وسئل عن المصاحف يكتب فيها خواتم السور في كل سورة ما فيها من آية، قال: إني أكره ذلك في أمهات المصاحف ن يكتب فيها شئ أو يشكل، فأما ما يتعلم به الغلمان من المصاحف فلا أرى بذلك بأسا.
قال أشهب: ثم أخرج إلينا مصحفا لجده، كتبه إذ كتب عثمان المصاحف، فرأينا خواتمه من حبر على عمل السلسلة في طول السط، ورأيته معجوم الآي بالحبر.
وقال قتادة: بدؤافنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا.
وقال يحيى بن أبي كثير كان القرآن مردا في المصاحف، فأول ما أحدثوا فيه النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، ثم أحدثوا نقطا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتيم.
وعن أبي حمزة قال: رأى إبراهيم النخعي في مصحفي فاتحة سورة كذا وكذا، فقال لي: امحه فإن عبد الله بن مسعود قال: لا تخلطوا في كتبا الله ما ليس فيه.
وعن أبي بكر السراج قال قلت لأبي رزين: أأكتب في مصحفي سورة كذا وكذا، قال: إني أخاف أن ينشأ قوم لا يعرفونه فيظنونه من القرآن.