وأما الكلمة فهي الصورة القائمة بجميع مايختلط بها من الشبهات (١) أي الحروف، وأطول الكلم في كتاب الله عزوجل ما بلغ عشرة أحرف، نحو قوله تعالى: " ليستخلفنهم (٢) ".
و " أنلزمكموها (٣) " وشبههما، فأما قوله " فأسقيناكموه (٤) " فهو عشرة أحرف (٥) في الرسم وأحد عشر في اللفظ.
وأقصرهن ما كان على حرفين نحو ما ولا وله، وما أشبه ذلك.
ومن حروف المعاني ما هو على كلمة واحدة، مثل همزة الاستفهام وواو العطف، إلا أنه لا ينطق به مفردا.
وقد تكون الكلمة وحدها آية تامة نحو قوله تعالى: " والفجر ".
" والضحى ".
" والعصر ".
وكذلك " آلم ".
و " المص ".
و " طه ".
و " يس ".
و " حم " في قول الكوفيين، وذلك ف يفواتح السور، فأما ما في حشوهن فال.
قال أبو عمرو الداني: ولا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله في الرحمن " مدهامتان (٦) " لاغير.
وقد أتت كلمتان متصلتان وهما آيتان، وذلك في قوله تعالى " حم عسق " على قول الكوفيين لاغير.
وقد تكون الكلمة في غير هذا: الآية التامة، والكلام القائم بنفسه، وإن كان أكثر أو أقل، قال الله عزوجل: " وتمت (٧) كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا " قيل: إنما يعني بالكلمة هاهنا قوله تبارك وتعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا (٨) في الأرض " إلى آخر الآيتين، وقال عزوجل " وألزمهم (٩) كلمة التقوى ".
قال مجاهد لا إله إلا الله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ".
وقد تسمى العرب القصيدة بأسرها، والقصة كلها، كلمة فيقولون: قال قس في كلمته كذا، أي في خطبته، وقال زهير في كلمته كذا، أي في قصيدته، وقال فلان في كلمته يعني في رسالته، فتسمى جملة الكلام كلمة إذ كانت الكلمة منها، على عادتهم في تسميتهم الشئ بإسم ما هو منه وما قاربه وجاوره، وكان بسبب منه، مجازا اواتساعا.
وأما الحرف فهو الشبهة القائمة وحدها من الكلمة، وقد يسمى الحرف كلمة والكلمة حرفا على ما بيناه من الاتساع والمجاز.
قال أبو عمرو الداني: فإن قيل فكيف يسمى ما جاء من
(٢) سورة النور آية ٥٥.
(٣) سورة هود آية ٢٨.
(٤) سورة الحجر آية ٢٢.
(٥) كأنه اعتبر هاء الضمير كلمة أخرى في الرسم فقط.
(٦) سورة الرحمن آية ٦٤.
(٧) سورة الأعراف آية ١٣٧.
(٨) سورة القصص اية ٥.
(٩) سورة الفتح آية ٢٦.
(*)