إلى بعض غير ممتنعة ولا مستحيلة، فلم يبعد أن يقيم الله تعالى الأدلة على صدق مخلوق أتى عنه بالشرع والملة.
ودلت الأدلة العقلية أيضا على أن المسيخ الدجال فيه التصوير والتغيير من حال الى حال، وثبت أن هذه الصفات لا تليق إلا بالمحدثات، تعالى رب البريات عن أن يشبه شيئا أو يشبهه شئ ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
فصل - إذا ثبت هذا فاعلم أن المعجزات على ضربين: الأول - ماشتهر نقله وانقرض عصره بموت النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني - ما تواترت الأخبار بصحته وحصوله، واستفاضت بثبوته ووجوده، ووقع لسامعها العلم بذلك ضرورة، ومن شروطه أن يكون الناقلون له: خلقا كثيرا وجما غفيرا، وأن يكونوا عالمين بما نقلوه علما ضروريا، وأن
يستوى في النقل أولهم وآخرهم ووسطهم في كثرة العدد، حتى يستحيل عليهم التواطؤ على الكذب، وهذه صفة نقل القرآن، ونقل وجود النبي عليه الصلاة والسلام، لأن الأمة رضى الله عنها لم تزل تنقل القرآن خلفا عن سلف والسلف عن سلفه إلى أن يتصل ذلك بالنبي عليه السلام المعلوم وجوده بالضرورة، وصدقه بالأدلة المعجزات، والرسول أخذه عن جبريل عليه السلام عن ربه عزوجل، فنقل القرآن في الأصل رسولان معصومان من الزيادة والنقصان، ونقله إلينا بعدهم أهل التواتر الذين لا يجوز عليهم الكذب فيما ينقلونه ويسمعونه، لكثرة العدد ولذلك وقع لنا العلم الضرورى بصدقهم فيما نقلوه من وجود محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ظهور القرآن على يديه وتحديه به.
ونظير ذلك من علم الدنيا علم الإنسان بما نقل إليه من وجود البلدان، كالبصرة والشام والعراق وخراسان والمدينة ومكة، وأشباه ذلك من الأخبار الكثيرة الظاهرة المتواترة، فالقران معجزة نبينا ﷺ الباقية بعده إلى يوم القيامة، ومعجزة كلى نبي انقرضت بانقراضه، أو دخلها التبديل والتغير، كالتوراة والإنجيل.


الصفحة التالية
Icon