في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك قال موسى يا رب فكيف لي به قال تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم) وذكر الحديث، واللفظ للبخاري.
وقال ابن عباس: (لما ظهر موسى وقومه على أرض مصر أنزل قومه مصر، فلما استقرت بهم الدار أمره الله أن ذكرهم بأيام الله، فخطب قومه فذكرهم ما آتاهم الله من الخير والنعمة إذ نجاهم من آل فرعون، وأهلك عدوهم، واستخلفهم في الارض، ثم قال: وكلم الله نبيكم تكليما، واصطفاه لنفسه، وألقى علي (١) محبة منه، وآتاكم من كل ما سألتموه، فجعلكم أفضل أهل الارض، ورزقكم العز بعد الذل، والغنى بعد الفقر، والتوراة بعد أن كنتم جهالا، فقال له رجل من بني إسرائيل: عرفنا الذي تقول، فهل على وجه الارض أحد أعلم منك يا نبي الله ؟ قال: لا، فعتب الله عليه حين لم يرد العلم إليه، فبعث الله جبريل: أن يا موسى وما يدريك أين [ أضع ] (٢) علمي ؟ بلى ! إن لي عبدا بمجمع البحرين أعلم منك، وذكر الحديث.
قال علماؤنا: وقوله في الحديث: (هو أعلم منك) أي بأحكام وقائع مفصلة، وحكم نوازل معينة، لا مطلقا بدليل قول الخضر لموسى: إنك على علم علمكه الله لا أعلمه أنا، وأنا على علم علمنيه لا تعلمه أنت، وعلى هذا فيصدق على كل واحد منهما أنه أعلم من الآخر بالنسبة إلى ما يعلمه واحد منهما ولا يعلمه الآخر، فلما سمع موسى هذا تشوقت نفسه الفاضلة، وهمته العالية، لتحصيل علم ما لم يعلم، وللقاء من قيل فيه: إنه أعلم منك، فعزم فسأل سؤال الذليل بكيف (٣) السبيل، فأمر بالارتحال على كل حال.
وقيل له: احمل معك حوتا مالحا في مكتل - - وهو الزنبيل - فحيث يحيا وتفقده فثم السبيل، فانطلق مع فتاه لما واتاه، مجتهدا طلبا قائلا: " لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين ".
(أو أمضي حقبا) بضم الحاء والقاف وهو الدهر، والجمع أحقاب.
وقد تسكن قافه فيقال حقب.
وهو ثمانون سنة.
ويقال: أكثر من ذلك.
والجمع حقاب.
والحقبة بكسر الحاء واحدة الحقب وهي السنون.
(٢) الزيادة من كتب التفسير.
(٣) في ج وك: فكيف.
(٤) في البحر: الحقب السنون.
(*)