أتنتهون ولا ينهي ذوي شطط (١) * كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل فأضاف النهي إلى الطعن.
ومن ذلك قول الآخر: يريد الرمح صدر أبي براء * ويرغب عن دماء بني عقيل وقال آخر: إن دهرا يلف شملي بجمل * لزمان يهم بالاحسان وقال آخر: في مهمه فلقت به هاماتها * فلق الفؤس إذا أردن نصولا
أي ثبوتا في الارض، من قولهم: نصل السيف إذا ثبت في الرمية، فشبه وقع السيوف على رؤوسهم بوقع الفؤس في الارض، فإن الفأس يقع فيها ويثبت لا يكاد يخرج.
وقال حسان بن ثابت: لو أن اللؤم ينسب كان عبدا * قبيح الوجه أعور من ثقيف وقال عنترة: فازور من وقع القنا بلبانه * وشكا إلي بعبرة وتحمحم وقد (٢) فسر هذا المعنى بقوله: * لو كان يدري ما المحاورة اشتكى * وهذا في هذا المعنى كثير جدا.
ومنه قول الناس: إن داري تنظر إلى دار فلان.
وفي الحديث: (اشتكت النار إلى ربها).
وذهب قوم إلى منع المجاز في القرآن، منهم أبو إسحق الاسفرايني وأبو بكر محمد بن داود الاصبهاني وغيرهما، فإن كلام الله عز وجل وكلام رسوله حمله على الحقيقة أولى بذي الفضل والدين، لانه يقص الحق كما أخبر الله تعالى في كتابه.
ومما احتجوا به أن قالوا: لو خاطبنا الله تعالى بالمجاز لزم وصفه بأنه متجوز

(١) الشطط: الجور والظلم يقول لا ينهى الظالم عن ظلمه إلا الطعن الجائف الذي يغيب فيه الفتل.
(٢) أي عنترة وتمام البيت: * ولكان لو علم الكلام مكلمي * (*)


الصفحة التالية
Icon