قوله تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون (٩٨) فيه أربع مسائل: الاولى: قوله تعالى: " إنكم وما تعبدون " قال ابن عباس: آية لا يسألني الناس عنها ! لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عنها، أو جهلوها (١) فلا يسألون عنها، فقيل: وما هي ؟ قال: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " لما أنزلت شق على كفار قريش، وقالوا: شتم آلهتنا، وأتوا ابن الزبعري وأخبروه، فقال: لو حضرته لرددت عليه.
قالوا: وما كنت تقول له ؟ قال: كنت أقول له: هذا المسيح تعبده اليهود تعبد عزيرا أفهما من حصب جهنم ؟ فعجبت قريش من مقالته، ورأوا أن محمدا قد خصم، فأنزل الله تعالى: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " [ الانبياء: ١٠١ ] وفيه نزل " ولما ضرب ابن مريم مثلا " [ الزخرف: ٥٧ ] يعني ابن (٢) الزبعري " إذا قومك منه يصدون " [ الزخرف: ٥٧ ] بكسر الصاد،
أي يضجون، وسيأتي.
(٣) الثانية - هذه الآية أصل في القول بالعموم وأن له صيغا مخصوصة، خلافا لمن قال: ليست له صيغة موضوعة للدلالة عليه، وهو باطل بما دلت عليه هذه الآية وغيرها، فهذا عبد الله بن الزبعرى قد فهم " ما " في جاهليته جميع من عبد، ووافقه على ذلك قريش وهم العرب الفصحاء، واللسن البلغاء، ولو لم تكن للعموم لما صح أن يستثنى منها، وقد وجد ذلك فهي للعموم وهذا واضح.
الثالثة: قراءة العامة بالصاد المهملة أي إنكم يا معشر الكفار والاوثان التي تعبدونها من دون الله وقود جهنم، قاله ابن عباس.
وقال مجاهد وعكرمة وقتادة: حطبها.
وقرأ علي ابن أبي طالب وعائشة رضوان الله عليهما: " حطب جهنم " بالطاء.
وقرأ ابن عباس " حضب " بالضاد المعجمة، قال الفراء: يريد الحصب.
قال: وذكر لنا أن الحضب في لغة أهل
وفي غيرهما: جهلوا.
(٢) في ك: يابن الزبعري.
(٣) راجع ج ١٦ ص ١٠٢.
(*)