كان يأمر بالصلاة على السقط، ويقول سموهم واغسلوهم وكفنوهم وحنطوهم، فإن الله أكرم بالاسلام كبيركم وصغيركم، ويتلو هذه الاية " فإنا خلقناكم من تراب - إلى - وغير
مخلقة ".
قال ابن العربي: لعل المغيرة بن شعبة أراد بالسقط ما تبين خلقه فهو الذي يسمى، وما لم يتبين خلقه فلا وجود له.
وقال بعض السلف: يصلي عليه متى نفخ فيه الروح وتمت له أربعة أشهر.
وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: " إذا أستهل المولود ورث ".
الاستهلال: رفع الصوت، فكل مولود كان ذلك منه أو حركة أو عطاس أو تنفس فإنه يورث لوجود ما فيه من دلالة الحياة.
وإلى هذا ذهب سفيان الثوري والاوزاعي والشافعي.
قال الخطابي: وأحسنه قول أصحاب الرأي.
وقال مالك: لا ميراث له وإن تحرك أو عطس ما لم يستهل [ صارخا ].
(١) وروي عن محمد ابن سيرين والشعبي والزهري وقتادة.
الثامنة - قال مالك رضي الله عنه: ما طرحته المرأة من مضغة أو علقة أو ما يعلم أنه ولد إذا ضرب بطنها ففيه الغرة (٢).
وقال الشافعي: لا شئ فيه حتى يتبين من خلقه [ شئ ].
(١) قال مالك: إذا سقط الجنين فلم يستهل صارخا ففيه الغرة.
وسواء تحرك أو عطس فيه الغرة أبدا، حتى يستهل صارخا ففيه الدية كاملة.
وقال الشافعي رضي الله عنه وسائر فقهاء الامصار: إذا علمت حياته بحركة أو بعطاس أو باستهلال أو بغير ذلك مما تستيقن به حياته ففيه الدية.
التاسعة - ذكر القاضي إسماعيل أن عدة المرأة تنقضي بالسقط الموضوع، واحتج عليه بأنه حمل، وقال قال الله تعالى: " وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن ".
(٣) قال القاضي إسماعيل: والدليل على ذلك أنه يرث أباه، فدل على وجوده خلقا وكونه ولدا وحملا.
قال ابن العربي: ولا يرتبط به شئ من هذه الاحكام إلا أن يكون مخلقا.
قلت: ما ذكرناه من الاشتقاق وقول عليه الصلاة والسلام: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه " يدل على صحة ما قلناه، ولان مسقطة العلقة والمضغة يصدق على المرأة إذا
(٢) الغرة عند الفقهاء: ما بلغ ثمنه نصف عشر الدية من العبيد والاماء.
(٣) راجع ج ١٨ ص ١٦٢ فما بعد.
(*)