قوله تعالى: (ثم أنشأنا من بعدهم) أي من بعد هلاك قوم نوح.
(قرنا آخرين) قيل: هم قوم عاد.
(فأرسلنا فيهم رسولا منهم) يعنى هودا، لانه ما كانت أمة أنشئت في إثر قوم نوح إلا عاد.
وقيل: هم قوم ثمود " فأرسلنا فيهم رسولا " يعنى صالحا.
قالوا: والدليل عليه قوله تعالى آخر الاية: " فأخذتهم الصيحة " [ المؤمنون: ٤١ ]، نظيرها: " وأخذ الذين ظلموا الصيحة (١) " [ هود: ٦٧ ].
قلت: وممن أخذ بالصيحة أيضا أصحاب مدين قوم شعيب، فلا يبعد أن يكونوا هم،
والله أعلم.
" منهم " أي من عشيرتهم، يعرفون مولده ومنشأه ليكون سكونهم إلى قوله أكثر.
قوله تعالى: وقال الملا من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الاخرة وأترفنهم في الحيوة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون (٣٣) ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخسرون (٣٤) أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظما أنكم مخرجون (٣٥) قوله تعالى: (وقال الملا) أي الاشراف والقادة والرؤساء.
(من قومه الذين كفروا وكذبوا (٢) بلقاء الاخرة) يريد بالبعث والحساب.
(وأترفناهم في الحياة الدنيا) أي وسعنا عليهم نعم الدنيا حتى بطروا وصاروا يؤتون بالترفة، وهى مثل التحفة.
(ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون) فلا فضل له عليكم لانه محتاج إلى الطعام والشراب كأنتم.
وزعم الفراء أن معنى: " ويشرب مما تشربون " على حذف من، أي مما تشربون منه، وهذا لا يجوز عند البصريين ولا يحتاج إلى حذف ألبتة، لان " ما " إذا كان مصدرا لم يحتج إلى عائد، فإن جعلتها بمعنى الذى حذفت المفعول ولم يحتج إلى إضمار من.
(ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون) يريد لمغبونون بترككم آلهتكم واتباعكم إياه

(١) راجع ج ٩ ص ٥٩.
(٢) في ب وج وك " كذبوا ب " آياتنا و " لقاه ".
(*)


الصفحة التالية
Icon