الترمذي وزاد: قالوا ومن هي يا رسول الله ؟ قال: (ما أنا عليه وأصحابي) خرجه من حديث عبد الله بن عمرو.
وهذا يبين أن الافتراق المحذر منه في الاية والحديث إنما هو في أصول الدين وقواعده، لانه قد أطلق عليها مللا، وأخبر أن التمسك بشئ من تلك الملل موجب لدخول النار.
ومثل هذا لا يقال في الفروع، فإنه لا يوجب تعديد الملل ولا عذاب النار، قال الله تعالى: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا (١) " [ المائدة: ٤٨ ].
قوله تعالى: (زبرا) يعنى كتبا وضعوها وضلالات ألفوها، قاله ابن زيد.
وقيل: إنهم فرقوا الكتب فاتبعت فرقة الصحف وفرقة التوراة وفرقة الزبور وفرقة الانجيل، ثم حرف الكل وبدل، قاله قتادة.
وقيل: أخذ كل فريق منهم كتابا آمن به وكفر بما سواه.
و " زبرا " بضم الباء قراءة نافع، جمع زبور.
والاعمش وأبو عمرو بخلاف عنه " زبرا " بفتح الباء، أي قطعا كقطع الحديد، كقوله تعالى: " آتونى زبر الحديد (٢) " [ الكهف: ٩٦ ].
(كل حزب) أي فريق وملة.
(بما لديهم) أي عندهم من الدين.
(فرحون) أي معجبون به.
وهذه الاية مثال لقريش خاطب محمدا ﷺ في شأنهم متصلا بقوله: " فذرهم في غمرتهم " أي فذر هؤلاء الذين هم بمنزلة من تقدم، ولا يضيق صدرك بتأخير العذاب عنهم، فلكل شئ وقت.
والغمرة في اللغة ما يغمرك ويعلوك، وأصله الستر، ومنه الغمر الحقد لانه يغطى القلب.
والغمر الماء الكثير لانه يغطى الارض.
وغمر الرداء الذى يشمل الناس بالعطاء، قال:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا * غلقت لضحكته رقاب المال المراد هنا الحيرة والغفلة والضلالة.
ودخل فلان في غمار الناس، أي في زحمتهم.
وقوله تعالى: (حتى حين) قال مجاهد: حتى الموت، فهو تهديد لا توقيت، كما يقال: سيأتي لك يوم.
قوله تعالى: أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (٥٥) نسارع لهم في الخيرت بل لا يشعرون (٥٦)
(٢) راجع ج ١١ ص ٦٠.
(*)