قوله تعالى: ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتب ينطق بالحق وهم لا يظلمون (٦٢) قوله تعالى: (ولا نكلف نفسا إلا وسعها) قد مضى في " البقرة (١) " وأنه ناسخ لجميع ما ورد في الشرع من تكليف ما لا يطاق.
(ولدينا كتاب ينطق بالحق) أظهر ما قيل فيه: إنه أراد كتاب إحصاء الاعمال الذى ترفعه الملائكة، وأضافه إلى نفسه لان الملائكة كتبت فيه أعمال العباد بأمره، فهو ينطق بالحق.
وفي هذا تهديد وتأييس من الحيف والظلم.
ولفظ النطق يجوز في الكتاب، والمراد أن النبيين تنطق بما فيه.
والله أعلم.
وقيل: عنى اللوح المحفوظ، وقد أثبت فيه كل شئ، فهم لا يجاوزون ذلك.
وقيل: الاشارة بقوله: " ولدينا كتاب " القرآن، فالله أعلم، وكل محتمل والاول أظهر.
قوله تعالى: بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمل من دون ذلك هم لها عملون (٦٣) حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم
يجئرون (٦٤) لا تجئروا اليوم إنكم منا لا تنصرون (٦٥) قوله تعالى: (بل قلوبهم في غمرة من هذا) قال مجاهد: أي في غطاء وغفلة وعماية عن القرآن.
ويقال: غمره الماء إذا غطاه.
ونهر غمر يغطى من دخله.
ورجل غمر يغمره آراء الناس (٢).
وقيل: " غمرة " لانها تغطى الوجه.
ومنه دخل في غمار الناس وخمارهم، أي فيما يغطيه من الجمع.
وقيل: " بل قلوبهم في غمرة " أي في حيرة وعمى، أي مما وصف من أعمال البر في الايات المتقدمة، قال قتادة.
أو من الكتاب الذى ينطق بالحق.
(ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون) قال قتادة ومجاهد: أي لهم خطايا لا بد أن يعملوها من دون الحق.
وقال الحسن وابن زيد: المعنى ولهم أعمال رديئة لم يعملوها من
(٢) كذا في الاصول.
والذى في كتب اللغة: " ورجل غمر وغمر لاتجربة له بحرب ولا أمر، ولم تحنكه التجارب.
(*)