خبر ابتدأ (١)، وتقديره: فيما يتلى عليكم [ حكم (٢) ] الزانية والزانى.
وأجمع الناس على الرفع وإن كان القياس عند سيبويه النصب.
وأما الفراء والمبرد والزجاج فإن الرفع عندهم هو الاوجه، والخبر في قوله: " فاجلدوا " لان المعنى: الزانية والزانى مجلودان بحكم الله وهو قول جيد، وهو قول أكثر النحاة.
وإن شئت قدرت الخبر: ينبغى أن يجلدا.
وقرأ ابن مسعود " والزان " بغير ياء.
الرابعة - ذكر الله سبحانه وتعالى الذكر والانثى، والزانى كان يكفى منهما، فقيل: ذكرهما للتأكيد كما قال تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (٣) [ المائدة: ٣٨ ].
ويحتمل أن يكون ذكرهما هنا لئلا يظن ظان أن الرجل لما كان هو الواطئ والمرأة محل ليست بواطئة فلا يجب عليها حد، فذكرها رفعا لهذا الاشكال الذى أوقع جماعة من العلماء منهم الشافعي.
فقالوا: لا كفارة على المرأة في الوطئ في رمضان، لانه قال: جامعت أهلى في نهار رمضان، فقال له النبي ﷺ (كفر).
فأمره بالكفارة، والمرأة ليس بمجامعة ولا واطئة.
الخامسة - قدمت " الزانية " في الاية من حيث كان في ذلك الزمان زنى النساء فاش، وكان لاماء العرب وبغايا الوقت رايات، وكن مجاهرات بذلك.
وقيل: لان الزنى في النساء أعر وهو لاجل الحبل أضر.
وقيل: لان الشهوة في المرأة أكثر وعليها أغلب، فصدرها تغليظا لتردع شهوتها، وإن كان قد ركب فيها حياء لكنها إذا زنت ذهب الحياء كله.
وأيضا فإن العار بالنساء ألحق إذ موضوعهن الحجب (٤) والصيانة فقدم ذكرهن تغليظا واهتماما.
السادسة - الالف واللام في قوله: " الزانية والزانى " للجنس، وذلك يعطى أنها عامة في جميع الزناة.
ومن قال بالجلد مع الرجم قال: السنة جاءت بزيادة حكم فيقام مع الجلد.
وهو قول إسحاق بن راهويه والحسن بن أبى الحسن، وفعله على بن أبى طالب رضى الله عنه بشراحة، وقد مضى في [ النساء (٥) ] بيانه.
وقال الجمهور: هي خاصة في البكرين، واستدلوا على أنها غير عامة بخروج العبيد والاماء منها.
(٢) زيادة من كتب التفسير.
(٣) راجع ج ٦ ص ١٥٩.
(٤) في الاصول: " الحجبة " (٥) راجع ج ٥ ص ٨٧.
(*)