دع المكارم لا ترحل لبغيتها * واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى لانه شبهه بالنساء في أنهن يطعمن ويسقين ويكسون.
ولما سمع قول النجاشي: قبيلته لا يغدرون بذمة * ولا يظلمون الناس حبة خردل قال: ليت الخطاب كذلك، وإنما أراد الشاعر ضعف القبيلة، ومثله كثير.
السادسة - الجمهور من العلماء على أنه لا حد على من قذف رجلا من أهل الكتاب أو امرأة منهم.
وقال الزهري وسعيد بن المسيب وابن أبى ليلى: عليه الحد إذا كان لها ولد من مسلم.
وفيه قول ثالث - وهو أنه إذا قذف النصرانية تحت المسلم جلد الحد.
قال ابن المنذر: وجل العلماء مجمعون وقائلون بالقول الاول، ولم أدرك أحدا ولا لقيته يخالف في ذلك.
وإذا قذف النصراني المسلم الحر فعليه ما على المسلم ثمانون جلدة، لا أعلم في ذلك خلافا (١).
السابعة - والجمهور من العلماء على أن العبد إذا قذف حرا يجلد أربعين: لانه حد يتشطر بالرق كحد الزنى.
وروى عن ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وقبيصة بن ذؤيب يجلد ثمانين، وجلد أبو بكر بن محمد عبداد قذف حرا ثمانين، وبه قال الاوزاعي.
احتج الجمهور
بقول الله تعالى: " فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب (٢) " [ النساء: ٢٥ ].
وقال الاخرون: فهمنا هناك أن حد الزنى لله تعالى، وأنه ربما كان أخف فيمن قلت نعم الله عليه، وأفحش فيمن عظمت نعم الله عليه.
وأما حد القذف فحق للادمي وجب للجناية على عرض المقذوف، والجناية لا تختلف بالرق والحرية.
وربما قالوا: لو كان يختلف لذكر كما ذكر من الزنى.
قال ابن المنذر: والذى عليه [ عوام ] (٢) علماء الامصار القول الاول، وبه أقول.
الثامنة - وأجمع العلماء على أن الحر لا يجلد للعبد إذا افترى عليه، لتباين مرتبتهما، ولقوله عليه السلام: (من قذف مملوكه بالزنى أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال) خرجه البخاري ومسلم.
وفي بعض طرقه: (من قذف عبده بزنى ثم لم يثبت أقيم

(١) في ك: اختلافا.
(٢) راجع ج ٥ ص ١٣٦.
(٣) من ج وط وك وى.
أي عامة.
(*)


الصفحة التالية
Icon