تعالى: " والذين يرمون المحصنات " الاية.
فأخبر أن من قذف محصنا ولم يأت بأربعة شهداء حد، فظاهره يقتضى أن يأتي بأربعة شهداء سوى الرامى، والزوج رام لزوجته فخرج عن أن يكون أحد الشهود، والله أعلم.
السادسة عشرة - إذا ظهر بامرأته حمل فترك أن ينفيه لم يكن له نفيه بعد سكوته.
وقال شريح ومجاهد: له أن ينفيه أبدا.
وهذا خطأ، لان سكوته بعد العلم به رضى به، كما لو أقر به ثم ينفيه فإنه لا يقبل منه، والله أعلم.
السابعة عشرة - فإن أخر ذلك إلى أن وضعت وقال: رجوت أن يكون ريحا ينفش أو تسقطه فأستريح من القذف، فهل لنفيه بعد وضعه مدة ما فإذا تجاوزها لم يكن له ذلك، فقد اختلف في ذلك، فنحن نقول: إذا لم يكن له عذر في سكوته حتى مضت ثلاثة أيام
فهو راض به ليس له نفيه، وبهذا قال الشافعي.
وقال أيضا: متى أمكنه نفيه على ما جرت به العادة من تمكنه من الحاكم فلم يفعل لم يكن له نفيه من بعد ذلك.
وقال أبو حنيفة: لا أعتبر مدة.
وقال أبو يوسف ومحمد: يعتبر فيه أربعون يوما، مدة النفاس.
قال ابن القصار: والدليل لقولنا هو أن نفى ولده محرم عليه، واستلحاق ولد ليس منه محرم عليه، فلا بد أن يوسع عليه لكى ينظر فيه ويفكر، هل يجوز له نفيه أولا.
وإنما جعلنا الحد ثلاثة لانه أول حد الكثرة وآخر حد القلة، وقد جعلت ثلاثة أيام يختبر بها حال المصراة (١)، فكذلك ينبغى أن يكون هنا.
وأما أبو يوسف ومحمد فليس اعتبارهم بأولى من اعتبار مدة الولادة والرضاع، إذ لا شاهد لهم في الشريعة، وقد ذكرنا نحن شاهدا في الشريعة من مدة المصراة.
الثامنة عشرة - قال ابن القصار إذا قالت امرأة لزوجها أو لاجنبي يا زانيه - بالهاء - وكذلك الأجنبي لاجنبي، فلست أعرف فيه نصا لاصحابنا، ولكنه عندي يكون قذفا وعلى قائله الحد، وقد زاد حرفا، وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف:

(١) المصراة: الناقة أو البقرة أو الشاة تصر أخلافها ولا تحلب أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشترى استغزرها.
ومنه الحديث: (من اشترى مصراة فهو بخير النظرين) أي خير الامرين له، إما إمساك المبيع أو رده.
(*)


الصفحة التالية
Icon