قلت: وكذا حكى النحاس عن معمر أنه طلحة، ولا يصح.
قال ابن عطية: لله در ابن عباس ! وهذا عندي لا يصح على طلحة بن عبيد الله.
قال شيخنا الامام أبو العباس: وقد حكى هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة، وحاشاهم عن مثله ! والكذب في نقله (١)، وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الجهال.
يروى أن رجلا من المنافقين قال حين تزوج رسول الله ﷺ أم سلمة بعد أبي سلمة، وحفصة بعد خنيس بن حذافة: ما بال محمد يتزوج نساءنا ! والله لو قد مات لاجلنا السهام على نسائه، فنزلت الآية في هذا، فحرم الله نكاح أزواجه من بعده، وجعل لهن حكم الامهات.
وهذا من خصائصه تمييزا لشرفه وتنبيها على مرتبته صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي رحمه الله: وأزواجه ﷺ اللاتي مات عنهن لا يحل لاحد نكاحهن، ومن استحل ذلك كان كافرا، لقوله تعالى: " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ".
وقد قيل: إنما منع من التزوج بزوجاته، لانهن أزواجه في الجنة، وأن المرأة في الجنة لآخر أزواجها.
قال حذيفة لامرأته: إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة إن جمعنا الله فيها فلا تزوجي من بعدي، فإن المرأة لآخر أزواجها.
وقد ذكرنا ما للعلماء في هذا في (كتاب التذكرة) من أبواب الجنة.
الرابعة عشرة - اختلف العلماء في أزواج النبي ﷺ بعد موته، هل بقين أزواجا أم زال النكاح بالموت، وإذا زال النكاح بالموت فهل عليهن عدة أم لا ؟ فقيل: عليهن العدة، لانه توفي عنهن، والعدة عبادة.
وقيل: لا عدة عليهن، لانها مدة تربص لا ينتظر بها الاباحة.
وهو الصحيح، لقوله عليه السلام: (ما تركت بعد نفقة عيالي) وروي (أهلي) وهذا أسم خاص بالزوجية، فأبقى عليهن النفقة والسكنى مدة حياتهن لكونهن نساءه، وحرمن على غيره، وهذا هو معنى بقاء النكاح.
وإنما جعل الموت في حقه عليه السلام لهن بمنزلة المغيب في حق غيره، لكونهن أزواجا له في الآخرة قطعا بخلاف سائر

(١) في ش: (وحاشاهم عن مثله... وإنما... والكذب في نقله) وموضع النقط في الاصل بياض.
وفي ك: (وحاشاهم عن مثله وإنما الكذب في نقله).
(*)


الصفحة التالية
Icon