تنكحوا أزواجه من بعده أبدا " فقيل لهم في هذه الآية: إن الله تعالى يعلم ما تخفونه من هذه المعتقدات والخواطر المكروهة ويجازيكم عليها.
فصارت هذه الآية منعطفة (١) على ما قبلها مبينة لها.
والله أعلم.
قوله تعالى: لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شئ شهيدا (٥٥) فيه ثلاث مسائل: الاولى - لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والابناء والاقارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب ؟ فنزلت هذه الآية.
الثانية - ذكر الله تعالى في هذه الآية من يحل للمرأة البروز له، ولم يذكر العم والخال لانهما يجريان مجرى الوالدين.
وقد يسمى العم أبا، قال الله تعالى: " نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل " (٢) [ البقرة: ١٣٣ ] وإسماعيل كان العم.
قال الزجاج: العم والخال ربما يصفان المرأة لولديهما، فإن المرأة تحل لابن العم وابن الخال فكره لهما الرؤية.
وقد كره الشعبي وعكرمة أن تضع المرأة خمارها عند عمها أو خالها.
وقد ذكر في هذه الآية بعض المحارم وذكر الجميع في سورة " النور "، فهذه الآية بعض تلك، وقد مضى الكلام هناك مستوفى (٣)، والحمد لله.
الثالثة - قوله تعالى: (واتقين الله) لما ذكر الله تعالى الرخصة في هذه الاصناف وانجزمت الاباحة، عطف بأمرهن بالتقوى عطف جملة.
وهذا في غاية البلاغة والايجاز، كأنه قال: اقتصرن على هذا واتقين الله فيه أن تتعدينه إلى غيره.
وخص النساء بالذكر وعينهن في هذا الامر، لقلة تحفظهن وكثرة استرسالهن.
والله أعلم.
ثم توعد تعالى بقوله:
" إن الله كان على كل شئ شهيدا ".
(٢) راجع ج ٢ ص ١٣٨.
(٣) راجع ج ١٢ ص ٢٢٦ (*)