وما فيها يا رب قال إن حملتها أجرت وإن ضيعتها عذبت فاحتملها بما فيها فلم يلبث في الجنة إلا قدر ما بين صلاة الاولى إلى العصر حتى أخرجه الشيطان منها).
فالامانة هي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد.
وقد اختلف في تفاصيل بعضها على أقوال، فقال ابن مسعود: هي في أمانات الاموال كالودائع وغيرها.
وروي عنه أنها في كل الفرائض، وأشدها أمانة المال.
وقال أبي بن كعب: من الامانة أن ائتمنت المرأة على فرجها.
وقال أبو الدرداء: غسل الجنابة أمانة، وإن الله تعالى لم يأمن ابن آدم على شئ من دينه غيرها.
وفي حديث مرفوع (الامانة الصلاة) إن شئت قلت قد صليت وإن شئت قلت لم أصل.
وكذلك الصيام وغسل الجنابة.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: أول ما خلق الله تعالى من الانسان فرجه وقال هذه أمانة استودعتكها، فلا تلبسها (١) إلا بحق.
فإن حفظتها حفظتك فالفرج أمانة، والاذن أمانة، والعين أمانة، واللسان أمانة، والبطن أمانة، واليد أمانة، والرجل أمانة، ولا إيمان لمن لا أمانة له.
وقال السدي: هي ائتمان آدم أبنه قابيل على ولده وأهله، وخيانته إياه في قتل أخيه.
وذلك أن الله تعالى قال له: (يا آدم، هل تعلم أن لي بيتا في الارض) قال: (اللهم لا) قال: (فإن لي بيتا بمكة فأته، فقال للسماء: احفظي ولدي بالامانة ؟ فأبت، وقال للارض: احفظي ولدي بالامانة فأبت، وقال للجبال كذلك فأبت.
فقال لقابيل: احفظ ولدي بالامانة، فقال نعم، تذهب وترجع فتجد ولدك كما يسرك.
فرجع فوجده قد قتل أخاه، فذلك قوله تبارك وتعالى: " إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها ".
الآية.
وروى معمر عن الحسن أن الامانة عرضت على السموات والارض والجبال، قالت: وما فيها ؟ قيل لها: إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت.
فقالت لا.
قال مجاهد: فلما خلق الله تعالى آدم عرضها عليه، قال: وما هي ؟ قال: إن حسنت أجرتك وإن
والذى في نوادر الاصول: (فلا تبسل منها شيئا إلا بحقها) والابسال هنا التضييع وهو رواية الدر المنثور قال: (فلا تضيعها إلا في حقها).
يقال: أبسلت فلانا إذا أسلمته للهلكة.
(*)