قوله تعالى: أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والارض إن نشأ نخسف بهم الارض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لاية لكل عبد منيب (٩) أعلم الله تعالى أن الذي قدر على خلق السموات والارض وما فيهن قادر على البعث وعلى تعجيل العقوبة لهم، فاستدل بقدرته عليهم، وأن السموات والارض ملكه، وأنهما محيطتان بهم من كل جانب، فكيف يأمنون الخسف والكسف كما فعل بقارون وأصحاب الايكة.
وقرأ حمزة والكسائي " إن يشأ يخسف بهم الارض أو يسقط " بالياء في الثلاث، أي إن يشأ الله أمر الارض فتنخسف بهم، أو السماء فتسقط عليهم كسفا.
الباقون بالنون على التعظيم.
وقرأ السلمي وحفص " كسفا " بفتح السين.
الباقون بالاسكان.
وقد تقدم بيانه في " سبحان " (١) " وغيرها.
(إن في ذلك لآية) أي في هذا الذي ذكرناه من قدرتنا " لآية " أي دلالة ظاهرة.
(لكل عبد منيب) أي تائب رجاع إلى الله بقلبه.
وخص المنيب بالذكر لانه المنتفع بالفكرة في حجج الله وآياته.
قوله تعالى: ولقد آتينا داوود منا فضلا يا جبال أوبى معه والطير وألنا له الحديد (١٠) (ولقد آتينا داود منا فضلا) بين لمنكري نبوة محمد ﷺ أن إرسال الرسل ليس أمرا بدعا، بل أرسلنا الرسل وأيدناهم بالمعجزات، وأحللنا بمن خالفهم العقاب.
" آتينا " أعطينا.
" فضلا " أي أمرا فضلناه به على غيره.
واختلف في هذا الفضل على تسعة أقوال:
الاول - النبوة.
الثاني - الزبور.
الثالث - العلم، قال الله تعالى: " ولقد آتينا داود وسليمان علما " (٢) [ النمل: ١٥ ].
الرابع - القوة، قال الله تعالى: " واذكر عبدنا داود ذا الايد " (٣) [ ص: ١٧ ].
الخامس - تسخير
(٣) راجع ج ١٥ ص ١٥٨ (*)