الروم.
قال عكرمة وغيره: إن شهر بزان لما غلب الروم خرب ديارها حتى بلغ الخليج، فقال أخوه فرخان: لقد رأيتني جالسا على سرير كسرى، فكتب كسرى إلى شهر بزان أرسل إلي برأس فرخان فلم يفعل، فكتب كسرى إلى فارس: إني قد استعملت عليكم فرخان وعزلت شهر بزان، وكتب إلى فرخان إذا ولي أن يقتل شهر بزان، فأراد فرخان قتل شهر بزان فأخرج له شهر بزان ثلاث صحائف من كسرى يأمره بقتل فرخان، فقال شهر بزان لفرخان: إن كسرى كتب إلي أن أقتلك ثلاث صحائف وراجعته أبدا في أمرك، أفتقتلني أنت بكتاب واحد ؟ فرد الملك إلى أخيه، وكتب شهر بزان إلى قيصر ملك الروم فتعاونا على كسرى، فغلبت الروم فارس ومات كسرى.
وجاء الخبر إلى النبي ﷺ يوم الحديبية ففرح من معه من المسلمين، فذلك قوله تعالى: " الم.
غلبت الروم.
في أدنى الارض " يعني أرض الشام.
عكرمة: بأذرعات، وهي ما بين بلاد العرب والشام.
وقيل: إن قيصر كان بعث رجلا يدعى يحنس وبعث كسرى شهر بزان فالتقيا بأذرعات وبصرى وهي أدنى بلاد الشام إلى أرض العرب والعجم.
مجاهد: بالجزيرة، وهو موضع بين العراق والشام.
مقاتل: بالاردن وفلسطين.
و " أدنى " معناه أقرب.
قال ابن عطية: فإن كانت الواقعة بأذرعات فهي من أدنى الارض بالقياس إلى مكة، وهي التي ذكرها امرؤ القيس في قوله: تنورتها من أذرعات وأهلها * بيثرب أدنى دارها نظر عال وإن كانت الواقعة بالجزيرة فهي أدنى بالقياس إلى أرض كسرى، وإن كانت بالاردن فهي أدنى إلى أرض الروم.
فلما طرأ ذلك وغلبت الروم سر الكفار فبشر الله عباده بأن الروم سيغلبون وتكون الدولة لهم في الحرب.
وقد مضى الكلام في فواتح السور.
وقرأ أبو سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن قرة " غلبت الروم " بفتح الغين واللام.
وتأويل ذلك أن الذي طرأ يوم بدر إنما كانت الروم غلبت فعز ذلك على كفار قريش وسر بذلك المسلمون، فبشر الله تعالى
عباده أنهم سيغلبون أيضا في بضع سنين، ذكر هذا التأويل أبو حاتم.
قال أبو جعفر النحاس:


الصفحة التالية
Icon