وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه " قالوا أنصتوا " قالوا صه.
وكانوا سبعة: أحدهم زوبعة، فأنزل الله تعالى: " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا " الآية إلى قوله: " في ضلال مبين " [ الاحقاف: ٣٢ ].
وقيل: " أنصتوا " لسماع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنى متقارب.
" فلما قضى " وقرأ لاحق بن حميد وخبيب بن عبد الله بن الزبير " فلما قضى " بفتح القاف والضاد، يعني النبي ﷺ قبل الصلاة.
وذلك أنهم خرجوا حين حرست السماء من استراق السمع ليستخبروا ما أوجب ذلك ؟ فجاءوا وادي نخلة والنبي ﷺ يقرأ في صلاة الفجر، وكانوا
سبعة، فسمعوه وانصرفوا إلى قومهم منذرين، ولم يعلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: بل أمر النبي ﷺ أن ينذر الجن ويقرأ عليهم القرآن، فصرف الله إليه نفرا من الجن ليستمعوا منه وينذروا قومهم، فلما تلا عليهم القرآن وفرغ انصرفوا بأمره قاصدين من وراءهم من قومهم من الجن، منذرين لهم مخالفة القرآن ومحذرين إياهم بأس الله إن لم يؤمنوا.
وهذا يدل على أنهم آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أرسلهم.
ويدل على هذا قولهم: " يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به " [ الاحقاف: ٣١ ] ولولا ذلك لما أنذروا قومهم.
وقد تقدم عن ابن عباس أن النبي ﷺ جعلهم رسلا إلى قومهم، فعلى هذا ليلة الجن ليلتان، وقد تقدم هذا المعنى مستوفى.
وفي صحيح مسلم ما يدل على ذلك على ما يأتي بيانه في " قل أوحي إلي " [ الجن: ١ ].
وفي صحيح مسلم عن معن قال: سمعت أبي قال سألت مسروقا من آذن (١) النبي ﷺ بالجن ليلة استمعوا القرآن ؟ فقال: حدثني أبوك - يعني ابن مسعود - أنه آذنته بهم شجرة.
قوله تعالى: قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم (٣٠)

(١) آذن: أعلم.
(*)


الصفحة التالية
Icon