عليهم.
وقيل: في إحلال العذاب بهم، فإن أبعد غاياتهم يوم القيامة.
ومفعول الاستعجال محذوف، وهو العذاب.
" كأنهم يوم يرون ما يوعدون " قال يحيى: من العذاب.
النقاش: من الآخرة.
" لم يلبثوا " أي في الدنيا حتى جاءهم العذاب، وهو مقتضى قول يحيى.
وقال النقاش: في قبورهم حتى بعثوا للحساب.
" إلا ساعة من نهار " يعني في جنب يوم القيامة.
وقيل: نساهم هول ما عاينوا من العذاب طول لبثهم في الدنيا.
ثم قال: " بلاغ "
أي هذا القرآن بلاغ، قاله الحسن.
ف " بلاغ " رفع على إضمار مبتدأ، دليله قوله تعالى: " هذا بلاغ للناس ولينذروا به " (١) [ إبراهيم: ٥٢ ]، وقوله: " إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين " (٢) [ الانبياء: ١٠٦ ].
والبلاغ بمعنى التبليغ.
وقيل: أي إن ذلك اللبث بلاغ، قاله ابن عيسى، فيوقف على هذا على " بلاغ " وعلى " نهار ".
وذكر أبو حاتم أن بعضهم وقف على " ولا تستعجل " ثم ابتدأ " لهم " على معنى لهم بلاغ.
قال ابن الانباري: وهذا خطأ، لانك قد فصلت بين البلاغ وبين اللام، - وهي رافعة - بشئ ليس منهما.
ويجوز في العربية: بلاغا وبلاغ، النصب على معنى إلا ساعة بلاغا، على المصدر أو على النعت للساعة.
والخفض على معنى من نهار بلاغ.
وبالنصب قرأ عيسى بن عمر والحسن.
وروي عن بعض القراء " بلغ " على الامر، فعلى هذه القراءة يكون الوقف على " من نهار " ثم يبتدئ " بلغ ".
" فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " أي الخارجون عن أمر الله، قاله ابن عباس وغيره.
وقرأ ابن محيصن " فهل يهلك إلا القوم " على إسناد الفعل إلى القوم.
وقال ابن عباس: إذا عسر على المرأة ولدها تكتب هاتين الآيتين والكلمتين في صحيفة ثم تغسل وتسقى منها، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله العظيم الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات ورب الارض ورب العرش العظيم " كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية (٣) أو ضحاها " [ النازعات: ٤٦ ].
" كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " صدق الله العظيم.
وعن قتادة: لا يهلك إلا هالك مشرك (٤).
وقيل: هذه أقوى آية في الرجاء.
والله أعلم.

(١) آخر سورة إبراهيم.
(٢) آية ١٠٦ سورة الانبياء.
(٣) آخر سورة النازعات.
(٤) في تفسير الطبري: " تعلموا ما يهلك على الله الا هالك ولي الاسلام ظهره، أو منافق صدق بلسانه وخالف بعمله ".
(*)


الصفحة التالية
Icon