ثم صالحوا على الجلاء.
ولم يكن قتال على التحقيق، بل جرى مبادئ القتال وجرى الحصار، وخص الله تلك الاموال برسوله صلى الله عليه وسلم.
وقال مجاهد: اعلمهم الله تعالى وذكرهم أنه إنما نصر رسول ﷺ ونصرهم بغير كراع ولا عدة.
(ولكن الله يسلط رسله على من يشاء) أي من أعدائه.
وفي هذا بيان أن تلك الاموال كانت خاصة لرسول الله ﷺ دون أصحابه.
الثانية - قوله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) قال ابن عباس: هي قريظة والنضير، وهما بالمدينة وفدك، وهي على ثلاثة أيام من المدينة وخيبر.
وقرى عرينة وينبع جعلها الله لرسوله.
وبين أن في ذلك المال الذي خصه بالرسول عليه السلام سهمانا لغير الرسول نظرا منه لعباده.
وقد تكلم العلماء في هذه الآية والتي قبلها، هل معناهما واحد أو مختلف، والآية التي في الانفال، فقال قوم من العلماء: إن قوله تعالى: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " منسوخ بما في سورة الانفال من كون الخمس لمن سمي له، والاخماس الاربعة لمن قاتل.
وكان في أول الاسلام تقسم الغنيمة على هذه الاصناف ولا يكون لمن قاتل عليها شئ.
وهذا قول يزيد بن رومان وقتادة وغيرهما.
ونحوه عن مالك.
وقال قوم: إنما غنم بصلح من غير إيجاف خيل ولا ركاب، فيكون لمن سمى الله تعالى فيه فيئا والاولى للنبي ﷺ خاصة، إذا أخذ منه حاجته كان الباقي في مصالح المسلمين.
وقال معمر: الاولى: للنبي صلى الله عليه وسلم.
والثانية: هي الجزية والخراج للاصناف المذكورة فيه.
والثالثة: الغنيمة في سورة الانفال للغانمين.
وقال قوم منهم الشافعي: إن معنى الآيتين واحد، أي ما حصل من أموال الكفار بغير قتال قسم على خمسة أسهم، أربعة منها للنبي صلى الله عليه وسلم.
وكان الخمس الباقي على خمسة أسهم: سهم لرسول الله ﷺ أيضا وسهم لذوي القربى - وهم بنو هاشم وبنو المطلب - لانهم منعوا الصدقة فجعل لهم حق في الفئ.
وسهم لليتامى.
وسهم للمساكين.
وسهم لابن السبيل، وأما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي كان من الفئ لرسول الله صلى الله عليه
وسلم يصرف عند الشافعي في قول إلى المجاهدين المترصدين للقتال في الثغور، لانهم القائمون


الصفحة التالية
Icon