فبعث جنوده فوجدوا رسول الله ﷺ قائما يصلي بين جبلين - أراه قال بمكة - فأتوه فأخبروه فقال: هذا الحدث (١) الذي حدث في الارض.
قال: هذا حديث حسن صحيح.
فدل هذا الحديث على أن الجن رموا كما رميت الشياطين.
وفي رواية السدي: أنهم لما رموا أتوا إبليس فأخبروه بما كان من أمرهم فقال: ايتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها فأتوه فشم فقال: صاحبكم بمكة.
فبعث نفرا من الجن، قيل: كانوا سبعة.
وقيل: تسعة منهم زوبعة.
وروى عاصم عن زر قال: قدم رهط زوبعة وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الثمالي: أنهم من بني الشيصبان وهم أكثر الجن عددا وأقواهم شوكة وهم عامة جنود إبليس.
وروى أيضا عاصم عن زر: أنهم كانوا سبعة نفر، ثلاثة من أهل حران وأربعة من أهل نصيبين.
وحكى جويبر عن الضحاك: أنهم كانوا تسعة من أهل نصيبين (قرية باليمن غير التي بالعراق) (٢).
وقيل: إن الجن الذين أتوا مكة جن نصيبين، والذين أتوه بنخلة جن نينوى.
وقد مضى بيان هذا في سورة (الاحقاف) (٣).
قال عكرمة: والسورة التي كان يقرؤها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ باسم ربك " [ العلق: ١ ] وقد مضى في سورة " الاحقاف " التعريف باسم النفر من الجن، فلا معنى لاعادة ذلك.
وقيل: إن النبي ﷺ رأى الجن ليلة الجن وهو أثبت، روى عامر
الشعبي قال: سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله ﷺ ليلة الجن ؟ فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله ﷺ ليلة الجن ؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله ﷺ ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الاودية والشعاب، فقلنا استطير (٤) أو اغتيل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبح إذا هو يجئ من قبل حراء، فقلنا: يا رسول الله ! فقدناك وطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: [ أتاني داعي الجن فذهبت معه

(١) كلمة (الحدث) ساقطة من الاصل المطبوع.
(٢) لم نجد نصيبين التي ذكرها المؤلف في معجم ما استعجم للبكري ولا في معجم البلدان لياقوت ولا فيما نقله صاحب تاج العروس عن ياقوت.
(٣) راجع ج ١٦ ص ٢١١ (٤) في التاج: استطير فلان: ذعر.
(*)


الصفحة التالية
Icon