قال عكرمة: وكانوا اثنى عشر ألفا من جزيرة الموصل.
وفي رواية: انطلق بي عليه السلام حتى إذا جئنا المسجد الذي عند حائط عوف خط لي خطا، فأتاه نفر منهم فقال أصحابنا كأنهم رجال الزط (١) وكأن وجوههم المكاكي (٢)، فقالوا: ما أنت ؟ قال: " أنا نبي الله " قالوا: فمن يشهد لك على ذلك ؟ قال: " هذه الشجرة " فقال: " يا شجرة " فجاءت تجر عروقها، لها قعاقع حتى انتصبت بين يديه، فقال: [ على ماذا تشهدين ] قالت: أشهد أنك رسول الله.
فرجعت كما جاءت تجر بعروقها الحجارة، لها قعاقع حتى عادت كما كانت.
ثم روى أنه عليه السلام لما فرغ وضع رأسه على حجر ابن مسعود فرقد ثم استيقظ فقال: [ هل من وضوء ] قال: لا، إلا أن معي إداوة فيها نبيذ.
فقال: [ هل هو إلا تمر وماء ] فتوضأ منه.
قد الثالثة - قد مضى الكلام في الماء في سورة " الحجر " (٣) وما يستنجى به في سورة " براءة " (٤) فلا معنى للاعادة.
الرابعة - واختلف أهل العلم، في أصل الجن، فروى إسمعيل عن الحسن البصري:
أن الجن ولد إبليس، والانس ولد آدم، ومن هؤلاء وهؤلاء مؤمنون وكافرون، وهم شركاء في الثواب والعقاب.
فمن كان من هؤلاء وهؤلاء مؤمنا فهو ولي الله، ومن كان من هؤلاء وهؤلاء كافرا فهو شيطان.
وروى الضحاك عن ابن عباس: أن الجن هم ولد الجان وليسوا بشياطين، وهم يؤمنون، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر، والشياطين هم ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس.
واختلفوا في دخول مؤمني الجن الجنة، على حسب الاختلاف في أصلهم.
فمن زعم أنهم من الجان لا من ذرية إبليس قال: يدخلون الجنة بإيمانهم.
ومن قال: إنهم من ذرية إبليس فلهم فيه قولان: أحدهما - وهو قول الحسن يدخلونها.
الثاني - وهو رواية مجاهد

(١) الزط: جنس من الهنود لونهم ضارب إلى السواد.
(٢) المكاكي: جمع مكوك وهو طاس يشرب فيه أعلاه ضيق ووسطه واسع ومكيال معروف لاهل العراق بهذه الصفة أيضا.
ولعله من باب قول العرب: ضرب مكوك رأسه على التشبيه.
(٣) راجع ج ١٠ ص ١٥ فما.
(٤) راجع ج ٨ ص ٢٥٩ فما.
(*)


الصفحة التالية
Icon