الرابعة - قوله تعالى: " وذى القربى " عطف ذي القربى على الوالدين.
والقربى: بمعنى القرابة، وهو مصدر كالرجعى والعقبى، أي وأمرناهم بالاحسان إلى القرابات بصلة أرحامهم.
وسيأتي بيان هذا مفصلا في سورة " القتال (١) " إن شاء الله تعالى.
الخامسة - قوله تعالى: " واليتامى " اليتامى عطف أيضا، وهو جمع يتيم، مثل ندامى جمع نديم.
واليتم في بني آدم بفقد الاب، وفي البهائم بفقد الام.
وحكى الماوردي أن اليتيم يقال في بني آدم في فقد الام، والاول المعروف.
وأصله الانفراد، يقال: صبي يتيم، أي منفرد من أبيه.
وبيت يتيم: أي ليس قبله ولا بعده شئ من الشعر.
ودرة يتيمة: ليس لها نظير.
وقيل: أصله الابطاء، فسمي به اليتيم، لان البر يبطئ عنه.
ويقال: يتم ييتم يتما، مثل عظم يعظم.
ويتم ييتم يتما ويتما، مثل سمع يسمع، ذكر الوجهين الفراء.
وقد أيتمه الله.
ويدل هذا على الرأفة باليتيم والحض على كفالته وحفظ ماله، على ما يأتي بيانه في " النساء (٢) ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة).
وأشار مالك (٣) بالسبابة والوسطى، رواه أبو هريرة أخرجه مسلم.
وخرج الامام الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد من حديث الحسن بن دينار أبي سعيد البصري وهو الحسن بن واصل (٤) قال حدثنا الاسود بن عبد الرحمن عن هصان (٥) عن أبي موسى الاشعري عن النبي ﷺ قال: (ما قعد يتيم مع قوم على قصعتهم فيقرب قصعتهم الشيطان).
وخرج أيضا من حديث حسين بن قيس وهو أبو علي الرحبي (٦) عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ضم يتيما من بين ملمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله عز وجل غفرت له ذنوبه ألبتة إلا أن يعمل عملا لا يغفر ومن أذهب الله كريمتيه فصبر واحتسب غفرت له ذنوبه - قالوا: وما كريمتاه ؟ قال: - عيناه ومن كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فأنفق عليهن وأحسن إليهن حتى يبن (٧) أو يمتن غفرت له ذنوبه ألبتة

(١) راجع ج ١٦ ص ٢٤٥ (٢) راجع ج ٥ ص ٨ (٣) مالك: أحد رواة سند هذا الحديث.
(٤) لانه ربيب دينار.
(٥) في تهذيب التهذيب: " بكس أوله وتشديد المهملة آخره نون " وهو ابن كاهم ويقال ابن كاهن، كان أبوه كاهنا في الجاهلية ".
(٦) الرحبى (بفتح الراء والحاء المهملين وباء موحدة): منسوب إلى رحبة بن زرعة.
(٧) يبن: يتزوجن.
(*)


الصفحة التالية
Icon