قلت: وهذا كله محترم علينا، وقد وقع ذلك كله بالفتن فينا، فإنالله وإنا إليه راجعون ! وفى التنزيل: " أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض (١) " وسيأتى.
قال ابن خويز منداد:
وقد يجوز أن يراد به الظاهر، لا يقتل الانسانية نفسه، ولا يخرج من داره سفها، كم تقتل الهند أنفسها.
أو يقتل الانسان نفسه من جهد وبلاء يصيبه، أو يهيم في الصحراء ولا يأوى البيوت جهلا في ديانته وسفها في حلمه: فهو عموم في جميع ذلك.
وقد روى أن عثمان بن مظعون بايع في عشرة من أصحاب رسول الله ﷺ فعزموا أن يلبسوا المسوح، وأن يهيموا في الصحراء ولا يأووا البيوت: ولا يأكلوا اللحم ولا يغشوا النساء، فبلغ ذلك النبي ﷺ فجاء إلى دار عثمان بن مظعون فلم يجده، فقال لامرأته: (ما حديث بلغني عن عثمان) ؟ وكرهت أن تفشى سر زوجها، وأن تكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن كان قد بلغك شئ فهو كما بلغك، فقال: (قولى لعثمان أخلاف لسنتي أم على غير ملتى إنى أصلى وأنام وأصوم وأفطر وأغشى النساء واوى البيوت وآكل اللحم فمن رغب عن سنتى فليس منى) فرجع عثمان وأصحابه عما كانوا عليه.
قوله تعالى: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديرهم تظهرون عليهم بالاثم والعدوان وإن يأتوكم أسرى تفدوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى في الحيوة الدنيا ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغفل عما تعملون (٨٥) أولئك الذين اشتروا الحيوة الدنيا بالاخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولاهم ينصرون (٨٦) قوله تعالى: " ثم أنتم هؤلاء " " أنتم " في موضع رفع بالابتداء، ولا يعرب، لانه مضمر.
وضمت التاء من " أنتم " لانها كانت مفتوحة إذا خاطبت واحدا مذكرا، ومكسورة
(*)