ووجه الكلام: مقام الذئب اللعين كالرجل، فالمعنى أبعدهم الله من رحمته.
وقيل: من توفيقه وهدايته.
وقيل: من كل خير، وهذا عام.
" فقليلا " نعت لمصدر محذوف، تقديره فإيمانا قليلا ما يؤمنون.
وقال معمر: المعنى لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم ويكفرون بأكثره، ويكون " قليلا " منصوب بنزع حرف الصفة.
و " ما " صلة، أي فقليلا يؤمنون.
وقال الواقدي: معناه لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا، كما تقول: ما أقل ما يفعل كذا، أي لا يفعله ألبتة.
وقال الكسائي: تقول العرب مررنا بأرض قل ما تنبت
الكراث والبصل، أي لا تنبت شيئا.
قوله تعالى: ولما جاءهم كتب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكفرين (٨٩) قوله تعالى: " ولما جاءهم " يعني اليهود.
" كتاب " يعني القرآن.
" من عند الله مصدق " نعت لكتاب، ويجوز في غير القرآن نصبه على الحال، وكذلك هو في مصحف أبى بالنصب فيما روي.
" لما معهم " يعني التوراة والانجيل يخبرهم بما فيهما.
" وكانوا من قبل يستفتحون " أي يستنصرون.
والاستفتاح الاستنصار.
استفتحت: استنصرت.
وفي الحديث: كان النبي ﷺ يستفتح بصعاليك المهاجرين، أي يستنصر بدعائهم وصلاتهم (١).
ومنه " فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده (٢) ".
والنصر: فتح شئ مغلق، فهو يرجع إلى قولهم فتحت الباب.
وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري (٣) أن النبي ﷺ قال: (إنما نصر (٤) الله هذه الامة بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم).
وروى النسائي أيضا عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:

(١) الذى في نهاية ابن الاثير واللسان مادة فتح: " أي يستنصر بهم ".
(٢) راجع ج ٦ ص ٢١٧.
(٣) يلاحظ أن راوي هذا الحديث هو سعد بن أبى وقاص، ففى سنن النسائي (ج ١ ص ٦٥ طبع المطبعة الميمنية) باب الاستبصار بالضعيف: أخبرنا محمد بن إدريس... عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن..." الخ.
(٤) الذى في سنن النسائي: " إنما ينصر الله هذه الامة بضعيفها ".
(*)


الصفحة التالية
Icon