قوله تعالى " قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل " رد من الله تعالى عليهم في قولهم إنهم آمنوا بما أنزل عليهم، وتكذيب منه لهم وتوبيخ، المعنى: فكيف قتلتم وقد نهيتم عن
ذلك ! فالخطاب لمن حضر محمدا ﷺ والمراد أسلافهم.
وإنما توجه الخطاب لابنائهم، لانهم كانوا يتولون أولئك الذين قتلوا، كما قال: " ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء (١) " فإذا تولوهم فهم بمنزلتهم.
وقيل: لانهم رضوا فعلهم فنسب ذلك إليهم.
وجاء " تقتلون " بلفظ الاستقبال وهو بمعنى المضي لما ارتفع الاشكال بقوله: " من قبل ".
وإذا لم يشكل فجائز أن يأتي الماضي بمعنى المستقبل، والمستقبل بمعنى الماضي، قال الحطيئة: شهد الحطيئة يوم يلقى ربه * أن الوليد أحق بالعذر شهد بمعنى يشهد.
" إن كنتم مؤمنين " أي إن كنتم معتقدين الايمان فلم رضيتم بقتل الانبياء ! وقيل: " إن " بمعنى ما، وأصل " لم " لما، حذفت الالف فرقا بين الاستفهام والخبر، ولا ينبغي أن يوقف عليه، لانه إن وقف عليه بلا هاء كان لحنا، وإن وقف عليه بالهاء زيد في السواد.
قوله تعالى: ولقد جاءكم موسى بالبينت ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظلمون (٩٢) قوله تعالى: " ولقد جاءكم بالبينات " اللام لام القسم.
والبينات قوله تعالى: " ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات (٢) " وهي العصا، والسنون، واليد، والدم، والطوفان، والجراد والقمل، والضفادع، وفلق البحر.
وقيل: البينات التوراة، وما فيها من الدلالات.
قوله تعالى: ثم اتخذتم العجل " توبيخ، و " ثم " أبلغ من الواو في التقريع، أي بعد النظر في الايات، أو الاتيان بها اتخذتم.
وهذا يدل على أنهم إنما فعلوا ذلك بعد مهلة من

(١) راجع ج ٦ ص ٢٥٤ (٢) راجع ج ١٠ ص ٣٣٥.
(*)


الصفحة التالية
Icon