هذيل: يقول قائلهم: نشدتك لما قمت.
الباقون بالتخفيف، على أنها زائدة مؤكدة، كما ذكرنا.
ونظير هذه الآية قوله تعالى: " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله " (١) [ الرعد: ١١ ]، على ما تقدم.
وقيل: الحافظ هو الله سبحانه، فلو لا حفظه لها لم تبق.
وقيل: الحافظ عليه عقله يرشده إلى مصالحه، ويكفه عن مضاره.
قلت: العقل وغيره وسائط، والحافظ في الحقيقة هو الله عزوجل، قال الله عزوجل: " فالله خير حافظا " (٢) [ يوسف: ٦٥ ]، وقال: " قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن " (٣) [ الانبياء: ٥٢ ].
وما كان مثله.
قوله تعالى: فلينظر الانسان مم خلق (٥) خلق من ماء دافق (٦) يخرج من بين الصلب والترائب (٧) إنه على رجعه لقادر (٨) قوله تعالى: (فلينظر الانسان) أي أبن أدم " مم خلق " وجه الاتصال بما قبله توصية الانسان بالنظر في أول أمره وسنته الاولى، حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه، فيعمل ليوم الاعادة والجزاء، ولا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبة أمره.
و " مم خلق " ؟ أستفهام، أي من أي شئ خلق ؟ ثم قال: (خلق) وهو جواب الاستفهام " من ماء
دافق " أي من المني.
والدفق: صب الماء، دفقت الماء أدفقه دفقا: صببته، فهو ماء دافق، أي مدفوق، كما قالوا: سر كاتم: أي مكتوم، لانه من قولك: دفق الماء، على ما لم يسم فاعله.
ولا يقال: دفق الماء (٤).
ويقال: دفق الله روحه: إذا دعي عليه بالموت.
قال الفراء والاخفش: " من ماء دافق " أي مصبوب في الرحم، الزجاج: من ماء ذي اندفاق.
يقال: دارع وفارس ونابل، أي ذو فرس، ودرع، ونبل.
وهذا مذهب سيبويه.
فالدافق هو المندفق بشدة قوته.
وأراد ماءين: ماء الرجل وماء المرأة، لان الانسان مخلوق منهما، لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما.
وعن عكرمة عن ابن عباس: " دافق " لزج.
(يخرج)
(٣) آية ٥٢ سورة الانبياء.
(٤) بل يقال ذلك، ونقله صاحب اللسان عن الليث.
وانظره أيضا في المصباح المنير للفيومي.
(*)