تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم (١) ".
وقالت فرقة: نزلت الآية تسلية للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم بأيدى المشركين، وآثروا رضا الله ورسوله، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسر قوم من الاغنياء النفاق، فأنزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم " أم حسبتم ".
و " أم " هنا منقطعة، بمعنى بل، وحكى بعض اللغويين أنها
قد تجئ بمثابة ألف الاستفهام ليبتدأ بها، و " حسبتم " تطلب مفعولين، فقال النحاة: " أن تدخلوا " تسد مسد المفعولين.
وقيل: المفعول الثاني محذوف (٢): أحسبتم دخولكم الجنة واقعا.
و " لما " بمعنى لم.
و " مثل " معناه شبه، أي ولم تمتحنوا بمثل ما امتحن به من كان قبلكم فتصبروا كما صبروا.
وحكى النضر بن شميل أن " مثل " يكون بمعنى صفة، ويجوز أن يكون المعنى: ولما يصبكم مثل الذى أصاب الذين من قبلكم، أي من البلاء.
قال وهب: وجد فيما بين مكة والطائف سبعون نبيا موتى، كان سبب موتهم الجوع والقمل، ونظير هذه الآية " الم.
أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون.
ولقد فتنا الذين من قبلهم (٤) " على ما يأتي، فاستدعاهم تعالى إلى الصبر، ووعدهم على ذلك بالنصر فقال: (ألا إن نصر الله قريب).
والزلزلة: شدة التحريك، تكون في الاشخاص وفى الاحوال، يقال: زلزل الله الارض زلزلة وزلزالا - بالكسر - فتزلزلت إذا تحركت واضطربت، فمعنى " زلزلوا " خوفوا وحركوا.
والزلزال - بالفتح - الاسم.
والزلازل: الشدائد.
وقال الزجاج: أصل الزلزلة من زل الشئ عن مكانه، فإذا قلت: زلزلته فمعناه كررت زلله من مكانه.
ومذهب سيبويه أن زلزل رباعى كدحرج.
وقرأ نافع " حتى يقول " بالرفع، والباقون بالنصب.
ومذهب سيبويه في " حتى " أن النصب فيما بعدها من جهتين والرفع من جهتين، تقول: سرت حتى أدخل المدينة - بالنصب - على أن السير والدخول جميعا قد مضيا، أي سرت إلى أن أدخلها، وهذه غاية، وعليه قراءة من قرأ بالنصب.
والوجه الآخر في النصب في غير الآية

(١) آية ١٤٢ سورة آل عمران.
(٢) كذا في الاصول، وفى ابن عطية: تقديره أحسبتم.
(٣) في بعض نسخ الاصل: " وحكى البصريون ".
(٤) آية ١، ٢، ٣ سورة العنكبوت.


الصفحة التالية
Icon