الآية ذم الخمر، فأما التحريم فيعلم بآية أخرى وهى آية " المائدة " وعلى هذا أكثر المفسرين.
قوله تعالى: (ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون.
في الدنيا والآخرة) فيه ثلاث مسائل: الاولى - قوله تعالى: (قل العفو) قراءة الجمهور بالنصب.
وقرأ أبو عمرو وحده
بالرفع.
واختلف فيه عن ابن كثير.
وبالرفع قراءة الحسن وقتادة وابن أبى إسحاق.
قال النحاس وغيره: إن جعلت " ذا " بمعنى الذى كان الاختيار الرفع، على معنى: الذى ينفقون هو العفو، وجاز النصب.
وإن جعلت " ما " و " ذا " شيئا واحدا كان الاختيار النصب، على معنى: قل ينفقون العفو، وجاز الرفع.
وحكى النحويون: ماذا تعلمت: أنحوا أم شعرا ؟ بالنصب والرفع، على أنهما جيدان حسنان، إلا أن التفسير في الآية على النصب.
الثانية - قال العلماء: لما كان السؤال في الآية المتقدمة في قوله تعالى: " ويسئلونك ماذا ينفقون " سؤالا عن النفقة إلى من تصرف، كما بيناه ودل عليه الجواب، والجواب خرج على وفق السؤال، كان السؤال الثاني في هذه الآية عن قدر الانفاق، وهو في شأن عمرو بن الجموح - كما تقدم - فإنه لما نزل " قل ما أنفقتم من خير فللوالدين " قال: كم أنفق ؟ فنزل " قل العفو " والعفو: ما سهل وتيسر وفضل، ولم يشق على القلب إخراجه، ومنه قول الشاعر: خذى العفو منى تستديمى مودتي * ولا تنطقي في سورتي حين أغضب فالمعنى: أنفقوا ما فضل عن حوائجكم، ولم تؤذوا فيه أنفسكم فتكونوا عالة، هذا أولى ما قيل في تأويل الآية، وهو معنى قول الحسن وقتادة وعطاء والسدى والقرظى محمد بن كعب وابن أبى ليلى وغيرهم، قالوا: العفو ما فضل عن العيال، ونحوه عن ابن عباس.
وقال مجاهد: صدقة عن ظهر (١) غنى، وكذا قال عليه السلام: " خير الصدقة ما أنفقت عن غنى " وفى حديث

(١) قال ابن الاثير: " والظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعا للكلام وتمكينا، كأن صدقته مستندة إلى ظهر قوى من المال ".


الصفحة التالية
Icon