فلطمها في غضب ثم ندم، فأتى النبي ﷺ فأخبره، فقال: " ما هي يا عبد الله " قال: تصوم وتصلى وتحسن الوضوء وتشهد الشهادتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذه مؤمنة ".
فقال ابن رواحة: لاعتقنها ولاتزوجنها، ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمة، وكانوا يرون أن ينكحوا إلى المشركين، وكانوا ينكحونهم رغبة في أحسابهم، فنزلت هذه الآية.
والله أعلم.
السادسة - وأختلف العلماء في نكاح إماء أهل الكتاب، فقال مالك: لا يجوز نكاح الامة الكتابية.
وقال أشهب في كتاب محمد، فيمن أسلم وتحته أمة كتابية: إنه لا يفرق بينهما.
وقال أبو حنيفة وأصحابه، يجوز نكاح إماء أهل الكتاب.
قال ابن العربي: درسنا الشيخ أبو بكر الشاشى بمدينة السلام قال: احتج أصحاب (١) أبى حنيفة على جواز نكاح الامة [ الكتابية (٢) ] بقوله تعالى: " ولامة مؤمنة خير من مشركة ".
ووجه الدليل من الآية أن الله سبحانه خاير
بين نكاح الامة المؤمنة والمشركة، فلولا أن نكاح الامة المشركة جائز لما خاير الله تعالى بينهما، لان المخايرة إنما هي بين الجائزين لا بين جائز وممتنع، ولا بين متضادين.
والجواب أن المخايرة بين الضدين تجوز لغة وقرآنا: لان الله سبحانه قال: " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا (٣) ".
وقال عمر في رسالته لابي موسى: " الرجوع إلى الحق خير من التماديى في الباطل ".
جواب آخر: قوله تعالى: " ولامة " لم يرد به الرق المملوك وإنما أراد به الآدمية، والآدميات والآدميون بأجمعهم عبيد الله وإماؤه، قاله القاضى بالبصرة أبو العباس الجرجاني.
السابعة - واختلفوا في نكاح نساء المجوس، فمنع مالك والشافعي وأبو حنيفة والاوزاعي وإسحاق من ذلك.
وقال ابن حنبل: لا يعجبنى.
وروى أن حذيفة بن اليمان تزوج مجوسية، وأن عمر قال له: طلقها.
وقال ابن القصار: قال بعض أصحابنا: يجب على أحد القولين أن لهم كتابا أن تجوز مناكحتهم.
وروى ابن وهب عن مالك أن الامة المجوسية لا يجوز أن توطأ بملك اليمين، وكذلك الوثنيات وغيرهن من الكافرات، وعلى هذا جماعة العلماء،
(٢) زيادة عن ابن العربي.
(٣) آية ٢٤ سورة الفرقان.