حائض، والحائض لا يجوز وطؤها اتفاقا.
وأيضا فإن ما قالوه يقتضى إباحة الوطئ عند انقطاع الدم للاكثر وما قلناه يقتضى الحظر، وإذا تعارض ما يقتضى الحظر وما يقتضى الاباحة ويغلب باعثاهما غلب باعث الحظر، كما قال على وعثمان في الجمع بين الاختين بملك اليمين، أحلتهما آية وحرمتهما أخرى، والتحريم أولى.
والله أعلم.
الحادية عشرة - واختلف علماؤنا في الكتابية هل تجبر على الاغتسال أم لا، فقال مالك في رواية ابن القاسم: نعم، ليحل للزوج وطؤها، قال الله تعالى: " ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن " يقول بالماء، ولم يخص مسلمة من غيرها.
وروى أشهب عن مالك أنها لا تجبر على الاغتسال من المحيض، لانها غير معتقدة لذلك، لقوله تعالى: " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر (١) " وهو الحيض والحمل، وإنما خاطب الله عز وجل بذلك المؤمنات، وقال: " لا إكراه في الدين (٢) " وبهذا كان يقول محمود بن عبد الحكم.
الثانية عشرة - وصفة غسل الحائض صفة غسلها من الجنابة، وليس عليها نقض شعرها في ذلك، لما رواه مسلم عن أم سلمة قالت قلت: يا رسول الله، إنى أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة ؟ قال: " لا إنما يكفيك أن تحثى على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين " وفى رواية: أفأنقضه للحيضة والجنابة ؟ فقال: " لا " زاد أبو داود: " واغمزي قرونك عند كل حفنة ".
الثالثة عشرة - قوله تعالى: (فأتوهن من حيث أمركم الله) أي فجامعوهن.
وهو أمر إباحة، وكنى بالاتيان عن الوطئ، وهذا الامر يقوى ما قلناه من أن المراد بالتطهر الغسل بالماء، لان صيغة الامر من الله تعالى لا تقع إلا على الوجه الاكمل.
والله أعلم.
و " من " بمعنى في، أي في حيث أمركم الله تعالى وهو القبل، ونظيره قوله تعالى: " أرونى ماذا خلقوا من الارض (٣) " أي في الارض،: وقوله: " إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة (٤) " أي في يوم الجمعة.
وقيل: المعنى، أي من الوجه الذى أذن لكم فيه، أي من غير صوم وإحرام

(١) آية ٢٢٨ سورة البقرة.
(٢) آية ٢٥٦ سورة البقرة.
(٣) آية ٤٠ سورة فاطر.
(٤) آية ٩ سورة الجمعة.


الصفحة التالية
Icon