قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن وعن أشياء، فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه فبعث إليه عمر فأحضره وقد أعد له عراجين من عراجين النخل.
فلما حضر قال له عمر: من
أنت ؟ قال: أنا عبد الله صبيغ.
فقال عمر رضى الله عنه: وأنا عبد الله عمر، ثم قام إليه فضرب رأسه بعرجون فشجه، ثم تابع ضربه حتى سال دمه على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي.
وقد اختلفت الروايات في أدبه، وسيأتى ذكرها في " الذاريات ".
ثم إن الله تعالى ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فتاب وحسنت توبته.
ومعنى " ابتغاء الفتنة " طلب الشبهات واللبس على المؤمنين حتى يفسدوا ذات بينهم، ويردوا الناس إلى زيغهم.
وقال أبو إسحاق الزجاج: معنى " ابتغاء تأويله " أنهم طلبوا تأويل بعثهم وإحيائهم، فأعلم الله عزوجل أن تأويل ذلك ووقته لا يعلمه إلا الله.
قال: والدليل على ذلك قوله تعالى: " هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله - أي يوم يرون ما يوعدون من البعث والنشور والعذاب - يقول الذين نسوه من قبل - أي تركوه - قد جاءت رسل ربنا بالحق " (١) أي قد رأينا تأويل ما أنبأتنا به الرسل.
قال: فالوقف على قوله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله " أي لا يعلم أحد متى البعث إلا الله.
السابعة - قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله) يقال: إن جماعة من اليهود منهم حيى بن أخطب دخلوا على رسول الله ﷺ وقالوا: بلغنا أنه نزل عليك " الم "، فإن كنت صادقا في مقالتك فإن ملك أمتك يكون إحدى وسبعين سنة، لان الالف في حساب الجمل واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فنزل " وما يعلم تأويله إلا الله ".
والتأويل يكون بمعنى التفسير، كقولك: تأويل هذه الكلمة على كذا.
ويكون بمعنى ما يؤول الامر إليه.
واشتقاقه من آل الامر إلى كذا يؤول إليه، أي صار.
وأولته تأويلا أي صيرته.
وقد حده بعض الفقهاء فقالوا: هو إبداء احتمال في اللفظ مقصود بدليل خارج عنه.
فالتفسير بيان اللفظ، كقوله " لا ريب فيه " أي لا شك.
وأصله من الفسر وهو البيان، يقال: فسرت

(١) راجع ج ٧ ص ٢١٧.
(*)


الصفحة التالية
Icon