قوله تعالى: إن الله لا يخفى عليه شئ في الارض ولا في السماء (٥) هذا خبر عن علمه تعالى بالاشياء على التفصيل، ومثله في القرآن كثير.
فهو العالم بما كان وما يكون وما لا يكون، فكيف يكون عيسى إلها أو ابن إله وهو تخفى عليه الاشياء !.
قوله تعالى: هو الذى يصوركم في الارحام كيف يشآء لا إله إلا هو العزيز الحكيم (٦) فيه مسألتان: الاولى - قوله تعالى: (هو الذى يصوركم) أخبر تعالى عن تصويره للبشر في أرحام الامهات وأصل الرحم من الرحمة، لانها مما يتراحم به.
واشتقاق الصورة من صاره إلى كذا إذا أماله، فالصورة مائلة إلى شبه وهيئة.
وهذه الاية تعظيم لله تعالى، وفى ضمنها الرد على نصارى نجران، وأن عيسى من المصورين، وذلك مما لا ينكره عاقل.
وأشار تعالى إلى شرح التصوير في سورة " الحج " (١) و " المؤمنون ".
وكذلك شرحه النبي ﷺ في حديث ابن مسعود، على ما يأتي هناك [ بيانه ] (٢) إن شاء الله تعالى.
وفيها الرد على الطبائعيين أيضا إذ يجعلونها فاعلة مستبدة.
وقد مضى الرد عليهم في آية التوحيد (٣) وفى مسند ابن سنجر - واسمه محمد بن سنجر - حديث " إن الله تعالى يخلق عظام الجنين وغضاريفه (٤) من منى الرجل وشحمه ولحمه من مني المرأة ".
وفى هذا أدل دليل على أن الولد يكون من ماء الرجل والمرأة،
وهو صريح [ في ] (٥) قول تعالى: " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " (٦).
وفى صحيح مسلم من حديث ثوبان وفيه: أن اليهودي قال للنبى صلى الله عليه وسلم: وجئت أسألك عن شئ لا يعلمه أحد من أهل الارض إلا نبى أو رجل أو رجلان.
قال: " ينفعك إن حدثتك " ؟.

(١) راجع ج ١٢ ص ٦ فما بعد وص ١٠٩ فما بعد.
(٢) الزيادة من نسخة: ب.
(٣) راجع ج ٢ ص ٢٠١.
(٤) الغضاريف: جمع غضروف (بضم الغين) وهو كل عظم وخص يؤكل، وهو مارن الانف، ونغض الكتف ؟ (العظم الرقيق على طرفها)، ورؤوس الاضلاع، ورهابة الصدر (عظيم في الصدر مشرف على البطن)، وداخل قوف الاذن.
(٥) الزيادة في: ج.
(٦) راجع ج ١٦ ص ٣٤٠


الصفحة التالية
Icon