" قل لا أجد " الآية.
يعني ما لم يبين تحريمه فهو مباح بظاهر هذه الآية.
وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس أنه قرأ " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما " قال: إنما حرم من الميتة أكلها، ما يؤكل منها وهو اللحم، فأما الجلد والعظم والصوف والشعر فحلال.
وروى أبو داود عن ملقام بن تلب عن أبيه قال: صحبت النبي ﷺ فلم أسمع لحشرة الأرض تحريما.
الحشرة: صغار دواب الأرض كاليرابيع والضباب والقنافذ.
ونحوها، قال الشاعر: أكلنا الربى (١) يا أم عمرو ومن يكن * غريبا لديكم يأكل الحشرات أي ما دب ودرج.
والربى جمع ربية وهي الفأرة.
قال الخطابي: وليس في قوله " لم أسمع لها تحريما " دليل على أنها مباحة، لجواز أن يكون غيره قد سمعه.
وقد اختلف الناس في اليربوع والوبر (٢) والجمع وبار ونحوهما من الحشرات، فرخص في اليربوع عروة وعطاء والشافعي وأبو ثور.
قال الشافعي: لا بأس بالوبر وكرهه ابن سيرين والحكم وحماد وأصحاب الرأي.
وكره أصحاب الرأي القنفذ.
وسئل عنه مالك بن أنس فقال: لا أدري.
وحكى أبو عمرو: وقال مالك لا بأس بأكل القنفذ.
وكان أبو ثور لا يرى به بأسا، وحكاه عن الشافعي.
وسئل عنه ابن عمر فتلا " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما " الآية، فقال شيخ عنده سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي ﷺ فقال: (خبيثة من الخبائث).
فقال ابن عمر: إن كان قال رسول الله ﷺ هذا فهو كما قال.
ذكره أبو داود.
وقال مالك: لا بأس بأكل الضب واليربوع والورل (٣).
وجائز عنده أكل الحيات إذا ذكيت، وهو
قول ابن أبي ليلى والأوزاعي.
وكذلك الأفاعي والعقارب والفأر و (٤) العظاية والقنفذ والضفدع.
وقال ابن القاسم: ولا بأس بأكل خشاش الأرض وعقاربها ودودها في قول مالك، لأنه قال: موته في الماء لا يفسده.
وقال مالك: لا بأس بأكل فراخ النحل ودود الجبن والتمر ونحوه.
ولعل قول المؤلف: ما دب ودرج يدل على هذا لكن البيت الربا.
كما في باقى الأصول واللسان والتاج وفيهما: غريبا بأرض.
(٢) الوبر (بالتسكين): دويبة على قدر السنور غبراء أو بيضاء من دواب الصحراء حسنه العينين شديده الحياء تكون بالغور.
(٣) الورل: دابه على خلقه النصب إلا أنه أعظم منه، يكون في الرمال والصحارى.
(٤) العظاية: دويبة كسام أبرض.
(*)