عليه، ونحن نتكفل لك بكل تباعة تتوقعها في دنياك وآخرتك، فنزلت الآية.
وهي استفهام يقتضي التقرير والتوبيخ.
و " غير " نصب " بأبغي " و " ربا " تمييز.
قوله تعالى: (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: " ولا تكسب كل نفس إلا عليها " أي لا ينفعني في ابتغاء رب غير الله كونكم على ذلك، إلا تكسب كل نفس إلا عليها، أي لا يؤخذ بما أتت من المعصية، وركبت من الخطيئة سواها.
الثانية: وقد استدل بعض العلماء من المخالفين بهذه الآية على أن بيع الفضولي لا يصح، وهو قول الشافعي.
وقال علماؤنا: المراد من الآية تحمل الثواب والعقاب دون
أحكام الدنيا، بدليل قول تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " على ما يأتي.
وبيع الفضولي عندنا موقوف على إجازة المالك، فإن أجازه جاز.
هذا عروة البارقي قد باع للنبي ﷺ واشترى وتصرف بغير أمره، فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قال أبو حنيفة.
وروى البخاري والدارقطني عن عروة بن أبي الجعد قال: عرض للنبي ﷺ جلب (١) فأعطاني دينارا وقال: (أي عروة ايت الجلب فاشتر لنا شاة بهذا الدينار) فأتيت الجلب فساومت فاشتريت شاتين بدينار، فجئت أسوقهما - أو قال أقودهما - فلقينى رجل في الطريق فساومني فبعته إحدى الشاتين بدينار، وجئت بالشاة الأخرى وبدينار، فقلت: يا رسول الله، هذه الشاة وهذا ديناركم.
قال: (كيف صنعت) ؟ فحدثته الحديث.
قال: (اللهم بارك له في صفقة يمينه).
قال: فلقد رأيتني أقف في كناسة (٢) الكوفة فأربح أربعين ألفا قبل أن أصل إلى أهلي.
لفظ الدارقطني.
قال أبو عمر: وهو حديث جيد، وفيه (٣) صحة ثبوت النبي ﷺ للشاتين (٤)، ولو لا ذلك ما أخذ منه الدينار ولا أمضى له البيع.
وفيه دليل على جواز الوكالة، ولا خلاف فيها بين العلماء.
فإذا قال الموكل لو كيله: اشتر كذا، فاشترى زيادة على ما وكل به فهل يلزم ذلك الأمر أم لا ؟.
كرجل قال لرجل: أشتر بهذا
(٢) محله بالكوفة يشبه أن تكون سوقا.
(٣) في ج: في صحته ثبوت.
(٤) في ك: للشارين.
(*)