قوله تعالى: (ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) فبدأ بالتوبة منه.
قال أبو زيد: غلطت في أربعة أشياء: في الابتداء مع الله تعالى، ظننت أني أحبه فإذا هو أحبني، قال الله تعالى: " يحبهم ويحبونه " [ المائدة: ٥٤ ].
وظننت أني أرضى عنه فإذا هو قد رضي
عني، قال الله تعالى: " رضي الله عنهم ورضوا عنه " [ المائدة: ١١٩ ].
وظننت أني أذكره فإذا هو يذكرني، قال الله تعالى: " ولذكر الله أكبر ".
وظننت أني أتوب فإذا هو قد تاب على، قال الله تعالى: " ثم تاب عليهم ليتوبوا ".
وقيل: المعنى ثم تاب عليهم ليثبتوا على التوبة، كما قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا آمنوا " (١) [ النساء: ١٣٦ ] وقيل: أي فسح لهم ولم يعجل عقابهم كما فعل بغير هم، قال عزوجل: " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم " (٢) [ النساء: ١٦٠ ].
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (١١٩) فيه مسألتان: الاولى - قوله تعالى: " وكونوا مع الصادقين " هذا الامر بالكون مع أهل الصدق حسن بعد قصة الثلاثة حين نفعهم الصدق وذهب بهم عن منازل المنافقين.
قال مطرف: سمعت مالك بن أنس يقول: قلما كان رجل صادقا لا يكذب إلا متع بعقله ولم يصبه ما يصيب غيره من الهرم والخرف.
واختلف في المراد هنا بالمؤمنين والصادقين على أقوال، فقيل: هو خطاب لمن آمن من أهل الكتاب.
وقيل: هو خطاب لجميع المؤمنين، أي أتقوا مخالفة أمر الله.
" وكونوا مع الصادقين " أي مع الذين خرجوا مع النبي ﷺ لا مع المنافقين.
أي كونوا على مذهب الصادقين وسبيلهم.
وقيل: هم الانبياء، أي كونوا معهم بالاعمال الصالحة في الجنة.
وقيل: هم المراد بقوله: " ليس البر أن تولوا وجوهكم (٣) - الآية إلى قوله - أولئك الذين صدقوا " [ البقرة: ١٧٧ ].
وقيل: هم الموفون بما عاهدوا، وذلك لقوله تعالى: " رجال صدقوا ما عاهدوا الله (٤) عليه " وقيل: هم المهاجرون، لقول أبي بكر يوم السقيفة إن الله سمانا الصادقين
(٢) راجع ج ٦ ص ١٢.
(٣) راجع ج ٢ ص ٢٣٧.
(٤) راجع ج ١٤ ص.
(*)