الثانية: وروى مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ سابق بين الخيل التي قد أضمرت (١) [ من الحفياء ] (٢) وكان أمدها ثنية (٣) الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها، وهذ الحديث مع صحته في هذا الباب تضمن ثلاثة شروط، فلا تجوز المسابقة بدونها، وهي: أن المسافة لا بد أن تكون معلومة.
الثاني - أن تكون الخيل متساوية الأحوال.
الثالث - ألا يسابق المضمر مع غير المضمر في أمد واحد وغاية واحدة.
والخيل التي يجب أن تضمر ويسابق عليها، وتقام هذه السنة فيها هي الخيل المعدة لجهاد العدو لا لقتال المسلمين في الفتن.
الثالثة - وأما المسابقة بالنصال والإبل، فروى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: سافرنا مع رسول الله ﷺ فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، وذكر الحديث.
وخرج النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " لا سبق (٤) إلا في نصل أو خف أو حافر ".
وثبت ذكر النصل من حديث ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة، ذكره النسائي، وبه يقول فقهاء الحجاز والعراق.
وروى البخاري عن أنس قال: كان للنبي ﷺ ناقة تسمى العضباء لا تسبق - قال حميد: أولا تكاد تسبق - فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال: " حق على الله ألا يرتفع شئ من الدنيا إلا وضعه ".
الرابعة - أجمع المسلمون (٥) على أن السبق لا يجوز على وجه الرهان إلا في الخف والحافر والنصل، قال الشافعي: ما عدا هذه الثلاثة فالسبق فيها قمار.
وقد زاد أبو البختري

(١) تضمير الخيل: هو أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن، ثم لا تعلف إلا قوتا لتخف.
وقيل تشد عليها سروجها، وتجلل بالأجلة حتى تعرق تحتها، فيذهب رهلها ويشتد لحمها، ويكون ذلك لغزو أو سباق.
(٢) الزيادة عن (موطأ مالك).
والحفياء (بالمد والقصر): موضع بالمدينة بينه وبين ثنية الوداع ستة أميال أو سبعة.
(٣) الثنية في الجبل كالعقبة فيه، وقيل: هو الطريق العالي فيه، وقيل أعلى المسيل في رأسه،
وثنية الوداع مشرفة على المدينة سميت بذلك، لأن من سافر إلى مكة يودع ثم، ومنها إلى مسجد بنى زريق ميل.
(٤) " لاسبق ": هو بفتح الباء ما يجعل للسابق على سبقه من المال، بالسكون مصدر.
قال الخطابى: الصحيح رواية الفتح، أي لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة.
(٥) في ع وك وى: العلماء.
(*)


الصفحة التالية
Icon