أي قوله: " من كان يريد الحياة الدنيا " أنها منسوخة بقوله: " من كان يريد العاجلة " [ الإسراء: ١٨ ].
والصحيح ما ذكرناه، وأنه من باب الإطلاق والتقييد، ومثله قوله: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " (١) [ البقرة: ١٨٦ ] فهذا ظاهره خبر عن إجابة كل داع دائما على كل حال، وليس كذلك، لقوله تعالى: " فيكشف ما تدعون إليه إن شاء " (٢) [ الأنعام: ٤١ ] والنسخ في الأخبار لا يجوز، لاستحالة تبدل الواجبات العقلية، ولاستحالة الكذب على الله تعالى فأما الأخبار عن الأحكام الشرعية فيجوز نسخها على خلاف فيه، على ما هو مذكور في الأصول، ويأتي في " النحل " (٣) بيانه إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وبطل ما كانوا يعملون (١٦) قوله تعالى: (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) إشارة إلى التخليد، والمؤمن لا يخلد، لقوله تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك " (٤) [ النساء: ٤٨ ] الآية.
فهو محمول على ما لو كانت.
موافاة هذا المرائي على الكفر.
وقيل: المعنى ليس لهم إلا النار في أيام معلومة ثم يخرج، إما بالشفاعة، وإما بالقبضة.
والآية تقتضي الوعيد بسلب الإيمان، وفي الحديث [ الماضي ] (٥) يريد الكفر وخاصة الرياء، إذ هو شرك على ما تقدم بيانه في " النساء " (٤) ويأتي في آخر " الكهف " (٦).
(وباطل ما كانوا يعملون) ابتداء وخبر، قال أبو حاتم: وحذ ف الهاء، قال النحاس: هذا لا يحتاج إلى حذف، لأنه بمعنى المصدر، أي وباطل عمله.
وفي حرف أبي وعبد الله " وباطلا ما كانوا يعملون " وتكون " ما " زائدة، أي وكانوا يعملون باطلا.

(١) راجع ج ٢ ص ٣٠٨ (٢) راجع ج ٦ ص ٤٢٢ (٣) راجع ج ١٠ ص ١٢٧ (٤) راجع ج ٥ ص ٢٤٥ وص ٤٢٢ (٥) في الأصل (المعاصي) وهو تحريف، والمراد بالحديث
الماضي حديث أبى هريرة المتقدم في عمل المرائى " صمتم وصليتم...".
(٦) راجع ج ١١ ص ٦٩ (*)


الصفحة التالية
Icon