قوله تعالى: وهو الذى مد الأرض وجعل فيها روسى وأنهرا ومن كل الثمرت جعل فيها زوجين اثنين يغشى اليل النهار إن في ذلك لأيت لقوم يتفكرون (٣) قوله تعالى: (وهو الذى مد الأرض) لما بين آيات السماوات بين آيات الأرض، أي بسط الأرض طولا وعرضا.
(وجعل فيها رواسي) أي جبالا ثوابت، واحدها راسية، لأن الأرض ترسو بها، أي تثبت، والإرساء الثبوت، قال عنترة: فصبرت عارفة لذلك حرة * ترسوا إذا نفس الجبان تطلع (١) وقال جميل:
أحبها والذي أرسى قواعده * حبا إذا ظهرت آياته بطنا وقال ابن عباس وعطاء: أول جبل وضع على الأرض أبو قبيس (٢).
مسألة: في هذه الآية رد على من زعم أن الأرض كالكرة، ورد على من زعم أن الأرض تهوي أبوابها عليها، وزعم ابن الراوندي أن تحت الأرض جسما صعادا كالريح الصعادة، وهي منحدرة فاعتدل الهاوي والصعادي في الجرم والقوة فتوافقا.
وزعم آخرون أن الأرض مركب من جسمين، أحدهما منحدر، والآخر مصعد، فاعتدلا، فلذلك وقفت.
والذي عليه المسلمون وأهل الكتاب القول بوقوف الأرض وسكونها ومدها، وأن حركتها إنما تكون في العادة بزلزلة تصيبها.
وقوله تعالى: (وأنهارا) أي مياها جارية في الأرض، فيها منافع الخلق.
(ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) بمعنى صنفين.
قال أبو عبيدة: الزوج واحد، ويكون اثنين.
الفراء: يعني بالزوجين هاهنا الذكر والأنثى، وهذا خلاف
(*)