والضحاك، أي لكل أمر كتبه الله أجل مؤقت، ووقت معلوم، نظيره.
" لكل نبإ مستقر " (١) [ الأنعام: ٦٧ ]، بين أن المراد ليس على اقتراح الأمم في نزول العذاب، بل لكل أجل كتاب.
وقيل: المعنى لكل مدة كتاب مكتوب، وأمر مقدر لا تقف عليه الملائكة.
وذكر الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: لما ارتقى موسى صلوات الله عليه وسلامه طور سيناء رأى الجبار في إصبعه خاتما، فقال: يا موسى ما هذا ؟ وهو أعلم به، قال: شئ من حلي الرجال، قال: فهل عليه شئ من أسمائي مكتوب أو كلامي ؟ قال: لا، قال: فاكتب عليه " لكل أجل كتاب ".
قوله تعالى: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (٣٩) قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) أي يمحو من ذلك الكتاب ما يشاء أن يوقعه بأهله ويأتي به.
" ويثبت " ما يشاء، أي يؤخره إلى وقته، يقال: محوت الكتاب محوا، أي أذهبت أثره.
" ويثبت " أي ويثبته، كقوله: " والذاكرين الله كثيرا والذاكرات " (٢) [ الأحزاب: ٣٥ ] أي والذاكرات الله.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم " ويثبت " بالتخفيف، وشدد الباقون، وفي قراءة ابن عباس، واختيار أبي حاتم وأبي عبيد لكثرة من قرأ بها، لقول: " يثبت الله الذين آمنوا " (٣) [ إبراهيم: ٢٧ ].
وقال ابن عمر: سمعت النبي ﷺ يقول: " يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا السعادة والشقاوة والموت ".
وقال ابن عباس: يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا أشياء (٤)، الخلق والخلق والأجل والرزق والسعادة والشقاوة، وعنه: هما كتابان سوى أم الكتاب، يمحو الله منهما ما يشاء ويثبت.
(وعنده أم الكتاب) الذي لا يتغير منه شئ.
قال القشيري: وقيل السعادة والشقاوة والخلق والخلق والرزق لا تتغير، فالآية فيما عدا هذه الأشياء، وفي هذا القول نوع تحكم.
قلت: مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد، وإنما يؤخذ توقيفا، فإن صح فالقول به يجب ويوقف عنده، وإلا فتكون الآية عامة في جميع الأشياء، وهو الأظهر والله أعلم، وهذا
(٢) راجع ج ١٤ ص ١٨٥.
(٣) راجع ص ٣٦٢ من هذا الجزء.
(٤) في ا و و: إلا ستا.
(*)