قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم) تقدم في " البقرة " مستوفى والحمد لله.
قوله تعالى: (وإذ تأذن ربكم) قيل: هو من قول موسى لقومه.
وقيل هو من قول الله، أي وأذكر يا محمد إذ قال ربك كذا.
و " تأذن " وأذن بمعنى أعلم، مثل أوعد وتوعد، روي معنى ذلك عن الحسن وغيره.
ومنه الأذان، لأنه إعلام، قال الشاعر: فلم نشعر بضوء الصبح حتى * سمعنا في مجالسنا الأذينا وكان ابن مسعود يقرأ: " وإذ قال ربكم " والمعنى واحد.
(لئن شكرتم لأزيدنكم) أي لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي.
الحسن: لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم من طاعتي.
ابن عباس: لئن وحدتم وأطعتم لأزيدنكم من الثواب، والمعنى متقارب في هذه الأقوال، والآية تنص في أن الشكر سبب المزيد، وقد تقدم في " البقرة " (٢) ما للعلماء في معنى الشكر.
وسئل بعض الصلحاء عن الشكر لله فقال: ألا تتقوى بنعمه على معاصيه.
وحكي عن داود عليه السلام أنه قال: أي رب كيف أشكرك، وشكري لك نعمة مجددة منك علي.
قال: يا داود الآن شكرتني.
قلت: فحقيقة الشكر على هذا الاعتراف بالنعمة للمنعم.
وألا يصرفها في غير طاعته، وأنشد الهادي وهو يأكل: أنالك رزقه لتقوم فيه * بطاعته وتشكر بعض حقه فلم تشكر لنعمته ولكن * قويت على معاصيه برزقه فغص باللقمة، وخنقته العبرة.
وقال جعفر الصادق: إذا سمعت النعمة الشكر فتأهب للمزيد.
(ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) أي جحدتم حقي.
وقيل: نعمي، وعد بالعذاب على الكفر، كما وعد بالزيادة على الشكر، وحذفت الفاء التي في جواب الشرط من " إن " للشهرة.
(٢) راجع ج ٢ ص ١٧١ فما بعد.
(*)