بطئ القيام رخيم الكلا * م أمسى فؤادي به فاتنا أي مفتونا.
وقال أخر (١): دع المكارم لا تنهض لبغيتها * واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي أي المطعوم المكسو.
قال النحاس: ومن أحسن ما قيل فيه أن تكون " من " في موضع
رفع، بمعنى لا يعصم اليوم من أمر الله إلا الراحم، أي إلا الله.
وهذا اختيار الطبري.
ويحسن هذا أنك لم تجعل عاصما بمعنى معصوم فتخرجه من بابه، ولا " إنه " بمعنى " لكن ".
(وحال بينهما الموج) يعنى بين نوح وابنه.
(فكان من المغرقين) قيل: إنه كان راكبا على فرس قد بطر بنفسه، وأعجب بها، فلما رأى الماء جاء قال: يا أبت فار التنور، فقال له أبوه: " يا بني اركب معنا " فما استتم المراجعة حتى جاءت موجة عظيمة فالتقمته هو وفرسه، وحيل بينه وبين نوح فغرق.
وقيل: إنه اتخذ لنفسه بيتا من زجاج يتحصن فيه من الماء، فلما فار التنور دخل فيه وأقفله (٢) عليه من داخل، فلم يزل يتغوط فيه ويبول حتى غرق بذلك.
وقيل: إن الجبل الذي أوى إليه " طور سيناء ".
قوله تعالى: (وقيل يا أرض ابلعى ماءك وياسماء أقلعى) هذا مجاز لأنها موات.
وقيل: جعل فيها ما تميز به.
والذي قال إنه مجاز قال: لو فتش كلام العرب والعجم ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها، وبلاغة رصفها، واشتمال المعاني فيها.
وفي الأثر: إن الله تعالى لا يخلي الأرض من مطر عام أو عامين، وأنه ما نزل من السماء ماء قط إلا بحفظ ملك موكل به إلا ما كان من ماء الطوفان، فإنه خرج منه ما لا يحفظه الملك.
وذلك قوله تعالى: " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " (٣) [ الحاقة: ١١ ] فجرت بهم السفينة إلى أن تناهى الأمر، فأمر الله الماء المنهمر من السماء بالإمساك، وأمر الله الأرض بالابتلاع.
ويقال: بلع الماء يبلعه مثل منع يمنع وبلع يبلع مثل حمد ويحمد، لغتان حكاهما الكسائي والفراء.
والبالوعة
(٢) في ع: أغلقه.
(٣) راجع ج ١٨ ص ٢٦٢.
(*)