والقولان الأول والثاني يرجعان إلى دلالتين في "سجى" الأولى : السكون، والثانية التغطية، ومنه تسجية الميت أي تغطيته، وعلى تفسير الحسن، قال "إذا لبس الناس، إذا جاء"، ومن ثم يكون الخلاف راجعاً إلى أكثر من معنى بسبب الاشتراك اللغوي في هذه اللفظ.
أما تفسير ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، فلم أجده مذكوراً في كتب اللغة، وواضح أنه تفسير لغوي، وإذا فسر به صار اللفظ من الأضداد ؛ لأن أقبل بظلامه وذهب ضدان، ويبقى أن سبب الاختلاف الاشتراك اللغوي في معنى اللفظ، والله أعلم.
(٢٥٥)… الوارد عن السلف في التفسير تخصيصه بإعطاء الآخرة، وكأنهم ربطوا الآية بما قبلها، وهي أن خير الآخرة له أفضل من الدنيا، ولأنه سيعطي من خيرها حتى يرضى، ولو حمل على عموم الإعطاء فهو محتمل، ويكون تفسير السلف مثالاً لنوع من أشرف أنواع الإعطاء الإلهي لنبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
…وقد ورد التفسير عن ابن عباس من طريق ابنه علي، قال :"أعطاه الله في الجنة ألف قصر، في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم"، قال ابن كثير :"وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس، ومثل هذا لا يقال إلا عن توقيف".
…وورد عنه من طريق السدي :"من رضا محمد ﷺ أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار"، وفيه انقطاع بين السدي وابن عباس. وورد عن قتادة من طريق سعيد أن هذا الإعطاء يكون يوم القيامة، والله أعلم.
(٢٥٦)…في هذا الشرح المعنوي إشارة إلى الشرح الحسي، وهو شق صدر الرسول ﷺ وإخراج ما في قلبه من النكتة السوداء، وملء قلبه إيماناً وحكمة. وقد كان هذا ممهداً لذلك الشرح الذي ذكر الله في الآية، والله أعلم.
(٢٥٧)… أشار السلف إلى ذلك، فقال : مجاهد من طريق ابن أبي نجيح :"ذنبك"، قال قتادة من طريق سعيد ومعمر :"كانت على النبي ﷺ ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له "، وكذا قال ابن زيد.


الصفحة التالية
Icon