١٥-١٦- قوله تعالى :﴿فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن* وأما إذا ما ابتلاه فقد عليه رزقه فيقول ربي أهنن﴾ : لما ذكر الله أنه واقع العذاب بهذه الأمم الكافرة التي كانت في منعة وقوة، نبه على اعتقاد خاطئ عند الناس، وهو أن التوسعة على العبد في الرزق دليل على تكريم الله له، وأن التضييق عليه في الرزق دليل على غضب الله عليه، وهذا المفهوم مما يقع فيه الإنسان الكافر(٢٠٩) الذي إذا امتحنه ربه المنعم عليه، فأنعم عليه بالمال، ووسع عليه، فرح وجعل هذا دليلاً على رضا الله عنه، ومحبته له، وأما ما امتحنه فضيق عليه في الإنعام، وجعله فقيراً، فإنه يجعل ذلك دليلاً على إذلال الله له، وعدم محبته له.
١٧-٢٠- قوله تعالى ﴿كلا بل لا تكرمون اليتيم * ولا تحضون على طعام المسكين * وتأكلون التراث أكلا لما * وتحبون المال حبا جما﴾ ؛ أي : ليس الأمر كما يعتقد هذا الكافر في دليل إكرام الله وإهانته(٢١٠)، ولكنكم لا تنفعون من مات عنه أبوه وهو دون سن البلوغ، فتنعمون عليه بإعطائه مما أعطاكم الله، ولا يحث بعضكم بعضاً على إعطاء الطعام لمن أصابته الفاقة والمسكنة، وأنتم تأخذون ما يرثه مع ما ترثونه أخذاً بالباطل، فتأكلونه جميعاً(٢١١)، وتحرصون على جمع المال وتحبونه حباً كثيراً شديداً.


الصفحة التالية
Icon