وإذا تأملت هذه الأقوال، فإنك ستجدها جاءت على دلالة أسم فاعل ؛ أي أنها نازعة، عدا قول السدي الذي حمل اسم الفاعل على المفعول، وفيه نظر ؟
كما أنها جعلت فعل النازعات من قبيل المتعدي ؛ كقوله تعالى :﴿تنزع الناس﴾، سوى قول من قال هي النجوم، فالفعل عنده لازم لا يحتاج إلى مفعول.
وجاء اسم الفاعل، ولم يذكر مفعوله لأن النزع هو المقصود في المقام، كما جاء جمعاً لتأويله بالجماعات النازعات.
وهذا من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى، وسبب هذا الخلاف أن هذه وصاف لم يذكر موصوفها، وهي صالحة لأن تحمل على كل ما قيل فيها - كما قال ابن جرير - وعليه فهي من قبيل المتواطئ، غير أن الراجح من أقوال المفسرين، أن النازعات وما بعدها من الأوصاف هي الملائكة، وعلة ذلك أن المفسرين أجمعوا على أن المدبرات هي الملائكة، ودلت الفاء في قوله تعالى ﴿فالمدبرات أمرا ﴾ على أنها متفرعة عن جملة :﴿فالسابقات سبقا﴾ [النازعات : ٤]، وهذه الجملة متفرعة عن جملة :﴿والسابحات سبحا﴾ [النازعات : ٣]، وعليه فهذه الأوصاف الثلاثة في الملائكة، وكون الوصفين الأولين فيهما أيضاًَ أولى ؛ لاتحاد هذه الأوصاف في موصوف واحد. وتفريق الأوصاف على أجناس مختلفة، مع هذا التأويل غير متمكن، ولا دليل عليه، والله أعلم. (انظر : التبيان في أقسام القرآن : ٨٥).
(٤١)…اختلف السلف في النشاط على أقوال :
١- الملائكة، وهو قول ابن عباس من رواية العوفي، وهو الراجح كما سبق في النازعات.…=


الصفحة التالية
Icon