سبق القول بأن هذه الدعوى تفصيل للدعوى الأولى، وتحديد لمجمل مزاعمها، وتعيين القصص القرآني بأنه موضع الاقتباس والإفادة من قصص التوراة والإنجيل، ولن يجدي في رد هذه الشبهة سوى منهج نقد النصوص المقارن لإبراز جوانب التباين بين مرويات القصص القرآني ومنهجها، وبين القصص التوارتي والإنجيل.
وبواسطة هذا المنهج أمكن الوقوف على أربعة دلائل تتهافت معها دعوى تكرار القرآن لقصص التوراة والإنجيل، وهى:
الدليل الأول: اختلاف منهج القصص في القرآن عن المنهج القصصي في التوراة والإنجيل.
يختلف منهج القصص في القرآن عن المنهج القصصي في التوراة والإنجيل من عدة جوانب منها:
١ ـ مصدر القصص، حيث إن الذى يقصُّ في القرآن هو الله تبارك وتعالى (١)، فهو المتكلم بالكلمة القرآنية، يقول تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ (يوسف/٣)
ويقول تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾ (الكهف/١٣).
أما في التوراة والإنجيل فالله تعالى متحدَّث عنه بطريق الحكاية لتعريف الناس به.

(١) التهامى النقرة، سيكولوجية القصة في القرآن، ص ٨٠، الشركة التونسية للتوزيع. تونس ١٩٧٤م.


الصفحة التالية
Icon