وقد استمرت الحروب الصليبية على المستوى الدولي وفي ذلك ـ كما يقول روم لاندرو ـ برهان قاطع على أن كرّ السنين لم يخفف إلا قليلا من أعمال اللاتسامح التي قام بها الصليبيون باسم الله (١).
وتزامن مع عمليات الإبادة الجماعية التي مارسها الصليبيون ضد المسلمين حركة جدل واسعة استهدفت أصالة القرآن الكريم على يد عدد من الجدليين المشهورين في العصور الوسطى، لكن أبرز ما يميز تلك المرحلة هو كونها إرهاصاً بظهور التنصير المؤسَّسي عقب نهاية حرب الفرسان حاملي السيف والصليب، كذلك فإن أهم نتاج هذه المرحلة هو ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية تلك الترجمة التي ستكون محل دراسة موسعة عند عرض مسالك الجدل التنصيري ضد القرآن.
وأهم الرموز الجدلية في هذه المرحلة، هم:
١ ـ بطرس المحترم (١٠٩٢ ـ ١١٥٦م)
بطرس المحترم هو أول جدليّ ضد الإسلام في الكنيسة الغربية كما يقول المنصرِّ إديسون (٢)، وهو راهب لاهوتىّ رئيس لدير ((كلونd)) الذي سيقوم بدور كبير في حركة الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن.
وقد قام برحلة إلى الأندلس، ألّف عقب عودته منها كتاباً في الرد على الإسلام والقرآن عام ١١٤٣ م، وأمر بترجمة القرآن إلى اللغة اللاتينية (٣).

(١) روم لاندرو، الإسلام والعرب، ص ١٣١ ـ ١٣٢، مرجع سابق.
(٢) قاسم السامرائي، مرجع سابق، ص ٧٨.
(٣) Trevor - Roper، Hugh، The Rise of Christian ﷺ urope، P ١٤٥، Oslo - London ١٩٧٨.


الصفحة التالية
Icon