٤ ـ ريموند مارتيني (١٢٢٠ ـ ١٢٨٤ م)
راهب مبشر دومينيكاني أسباني، تبحر في دراسة القرآن، واجتهد في الجدل ضده، فألف كتاباً بعنوان: ((الخلاصة ضد القرآن))، وبلغت به رغبته في تفنيد القرآن أن حاول معارضته بعد أن علم أنه معجزة النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع سورة غاية في السخافة والسقامة (١) :((بسم الله الغفور الرحيم، أعارض قرآن مَنْ آخر اسمه الدال وأوله الميم، بلسان فصيح عربي مبين، لا يمنعني منه سيف ولا سكين، إذ قال لي بلسان الإلهام سيد المرسلين: قل المعجزة لا شريك فيها لرب العالمين وفي الفصاحة يشترك كثير كثيرين يغلب فيها أحيانا الصالح الطالح والكافر المؤمنين، فليست الفصاحة ولو في النهاية آية ولا معجزة اللهم إلا عند الذين أوطاهم عشوة معلم مجنون حتى قالوا عنه خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، مع أنه بإقراره في سورة الأحقاف لم يدر قط ما يُفْعل به ولا بتباعه أجمعين أكتعين، فقل يامن اسمه / رمند ولقبه مرَتْيِن: آه، لقومٍ يقبل الباطل والخرافات والترهات كأنها اليقين، وإن كنتم في شك مما ألهمنا إليه عبدنا يامعاشر المسلمين فأتوا بحلِّ هذه الحجة، وبمثل هذه السورة وادعوا لذلك إخوانكم من الجن إن كنتم مهتدين. فإن لم تقدروا، ولن تقدروا فقد زهق الباطل، وانتقام اليقين والحمد والشكر لله آمين، آمين)) (٢).
وبصرف النظر عن مدى سقم محاولة مارتيني إلا أنها تكشف عن قفزة كبيرة وتطور في مستوى الجدل التنصيري في عهد الحروب الصليبية،

(١) عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، ص ٢١٣ ـ ٢١٥، دار العلم للملايين، ط٢، بيروت ١٩٨٩م.
(٢) قاسم السامرائي، مرجع سابق، ص ٩٠.


الصفحة التالية
Icon